فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَنَادَىٰ نُوحٞ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِي مِنۡ أَهۡلِي وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَٰكِمِينَ} (45)

{ ونادى نوح ربه } أي دعاه والظاهر أن هذا النداء كان قبل سيرها لأن سؤال في اتجاه ابنه ولا معنى للسؤال إلا عند إمكان النجاة ، والمراد أنه أراد دعاءه بدليل الفاء في قوله { فقال رب إن ابني من أهلي } وعطف الشيء على نفسه غير سائغ فلا بد من التقدير المذكور قاله الزمخشري . وقيل عطف تفسير أو تفصيل إذ القول المذكور هو عين النداء فهو مرتبط في المعنى بقوله { ونادى نوح ابنه } والمعنى أنه من الأهل الذين وعدتني بتنجيتهم بقولك وأهلك .

فإن قيل كيف طلب نوح عليه السلام إنجاز ما وعده الله بقوله { وأهلك } وهو المستثنى منه وترك ما يفيده الاستثناء وهو إلا من سبق عليه القول فيجاب بأنه لم يعلم إذ ذاك أنه ممن سبق عليه القول فإنه كان يظنه من المؤمنين .

{ وإن وعدك الحق } الصدق الذي لا خلف فيه وهذا منه { وأنت أحكم الحاكمين } أي أتقن المتقنين لما يكون به الحكم فلا يتطرق على حكمك نقض ، وقيل أراد به أعلمهم وأعدلهم أي أنت أكثر علما وعدلا من ذوي الحكم وقيل أن الحاكم بمعنى ذي الحكمة كدراع .