تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ يَجۡعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (96)

الآية 96 : وقوله تعالى : { الذين يجعلون مع الله إلها آخر } قوله : { الذين يجعلون مع الله إلها آخر } ليس على الجعل لأنهم لو جعلوا لكان ، لأن كل مجعول كائن موجود . ولكن قوله : { يجعلون } أي يزعمون أن { مع الله إلها آخر } إما في التسمية وإما{[10006]} في العبادة .

وكذلك قوله : { جعلوا القرآن عضين } ( الحجر : 91 ) هم لا يقدرون على أن يجعلوه { عضين } ولكن زعموا أنه كذا ، لأن الله وكل حفظه إلى نفسه بقوله : { وإنا له لحافظون } ( الحجر : 9 ) وقوله{[10007]} : { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } ( فصلت : 42 ) أخبر أنه يحفظه حتى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . ولو قدوا على جعله { عضين } لكان قد أتى الباطل من بين يديه ومن خلفه . دل على القول الذي قالوا ، وهو على المجاز .

وكذلك قوله : { فراغ إلى آلهتهم } ( الصافات : 91 ) وقوله : { أجعل الآلهة إلها واحدا } ( ص : 5 ) فهو كله على المجاز على ما عندهم : إما بحق التسمية لها أنها آلهة ، وإما بصرف العبادة إليها . ظاهر هذا أن المستهزئين ذكرهم أنه كفاه عنهم ؛ هم الكفرة جميعا .

لكن يحتمل في الذين ذكرهم أهل / 280 – ب / التأويل ( الذين ){[10008]} كانوا على مراصد مكة ؛ أضاف ذلك إليهم ، ونسبه{[10009]} ، لأنهم هم الذين أمروا غيرهم أن يجعلوا دونه إلها ، فكأنهم فعلوا ذلك ، وهم قالوا .

وقوله تعالى : { إنا كفيناك المستهزئين } { الذين } فعلوا به ما فعلوا ممن تقدم ذكرهم ، فيكون قوله : { والذين يجعلون مع الله إلها آخر } على الإضمار ( كانوا ، أي الذين ){[10010]} كانوا يجعلون مع الله إلها آخر ، وإن كان في الذين يكونون من بعد ، فهو على ظاهر ما ذكر : يجعلون على المستقبل .

وقوله تعالى : { فسوف يعلمون } وعيد ، أي سوف يعلمون ما عملوا من الاقتسام والعظة والاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه إذا نزل العذاب بهم ، والله أعلم .


[10006]:في الأصل وم: أو.
[10007]:في الأصل وم: وقال.
[10008]:ساقطة من الأصل وم.
[10009]:في الأصل وم: ونسب.
[10010]:في الأصل: كان أي الذي، في م: كان أي الذين.