محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدۡخُلُواْ بُيُوتًا غَيۡرَ بُيُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰٓ أَهۡلِهَاۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (27)

ولما فصل تعالى الزواجر عن الزنى ، وعن رمي العفائف عنه ، بين من الزواجر ما عسى يؤدي إلى أحدهما . وذلك في مخالطة الرجال بالنساء ، ودخولهم عليهن في أوقات الخلوات ، وفي تعليم الآداب الجميلة ، فقال سبحانه :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا } أي تستعملوا وتستكشفوا الحال . هل يراد دخولكم أم لا ؟ من ( الاستئناس ) وهو الاستعلام . من ( آنس الشيء ) إذا أبصره ظاهرا مكشوفا . أو المعنى : حتى يؤذن لكم فتستأنسوا . من ( الاستئناس ) الذي هو خلاف الاستيحاش . لما أن المستأذن مستوحش من خفاء الحال عليه . فيكون عبر بالشيء عما هو لازم له ، مجازا أو استعارة . وجوز أن يكون من ( الإنس ) والمعنى : حتى تعلموا هل فيها إنسان ؟ { وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا } أي ليؤمنهم عما يوحشهم { ذَلِكُمْ } أي الاستئذان والتسليم { خَيْرٌ لَّكُمْ } أي من الدخول بغتة { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أي فتتعظوا وتعملوا بموجبه .