محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمِ ٱلظُّلَّةِۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٍ} (189)

{ فَكَذَّبُوهُ } أي فاستمروا على تكذيبه ولم يتوبوا { فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } أي لحلول العقاب فيه ، من جنس ما سألوه من إسقاط السماء قطعا عليهم . فقد أظلتهم سحابة أطبقت عليهم ، وأظلمت الجو وغشيهم العذاب وأحاط بهم و { الظلة } بالضم لغة الغاشية وما أطبق وستر من فوق .

قال الحافظ ابن كثير : ذكر تعالى صفة إهلاكهم في ثلاثة مواطن . كل موطن بصفة تناسب ذلك السياق . ففي ( الأعراف ) ذكر أنهم {[5943]} : { فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين } وذلك لأنهم قالوا {[5944]} : { لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا } فأرجفوا نبي الله ومن اتبعه { فأخذتهم الرجفة } وفي سورة هود قال {[5945]} : { وأخذت الذين ظلموا الصيحة } ذلك لأنهم استهزؤوا بنبي الله في قولهم {[5946]} { أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد } قالوا ذلك على سبيل التهكم وازدراء . فناسب أن تأتيهم صيحة تسكتهم فقال : { وأخذت الذين ظلموا الصيحة } وها هنا قالوا : { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء } الآية ، على وجه التعنت والعناد . فناسب أن يحقق عليهم ما استبعدوا وقوعه { فأخذهم عذاب يوم الظلة } . انتهى .


[5943]:(7 الأعراف 91).
[5944]:(7 الأعراف 88).
[5945]:(11 هود 94).
[5946]:(11 هود 87).