إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمِ ٱلظُّلَّةِۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٍ} (189)

{ فَكَذَّبُوهُ } أي فتمُّوا على تكذيبه وأصرُّوا عليه { فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظلة } حسبما اقترحُوا . أمَّا إن أرادُوا بالسَّماءِ السَّحابُ فظاهرٌ وأما إنْ أرادُوا الظلة فلأنَّ نزولَ العذابِ من جهتها ، وفي إضافة العذابِ إلى يومِ الظُّلَةِ دون نفسها إيذانٌ بأنَّ لهم يومئذٍ عذاباً آخرَ غيرَ عذاب الظُّلة وذلك بأنْ سلَّط الله عليهم الحرَّ سبعةَ أيام ولياليَها فأخذَ بأنفُسِهم لا ينفعهم ظلٌّ ولا ماءٌ ولا سَرَبٌ فاضطرُّوا إلى أنْ خرجُوا إلى البريَّةِ فأظلتُهم سحابةٌ وجدوا لها بَرْداً ونَسيماً فاجتمعُوا تحتها فأمطرتْ عليهم ناراً فاحترقُوا جميعاً . رُوي أنَّ شُعيباً عليه السَّلامُ بُعث إلى أمَّتينِ أصحابِ مَدْينَ وأصحابِ الأَيكةِ فأُهلكتْ مَدْينُ بالصَّيحةِ والرَّجفةِ وأصحابُ الأيكةِ بعذابِ يوم الظُّلَّةِ { إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } أي في الشِّدَّةِ والهَوْلِ وفظاعةِ ما وقع فيه من الطَّامةِ والدَّاهيةِ التَّامةِ .