محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلَوۡ كَانُواْ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلنَّبِيِّ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مَا ٱتَّخَذُوهُمۡ أَوۡلِيَآءَ وَلَٰكِنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ} (81)

[ 81 ] { ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون ( 81 ) } .

{ ولو كانوا } أي : هؤلاء الذين يتولون عبدة الأوثان من أهل الكتاب { يؤمنون بالله والنبي } أي نبيهم موسى عليه السلام { وما أنزل إليه } أي : من التوراة { ما اتخذوهم أولياء } إذ الإيمان بالله يمنع من تولي من يعبد غيره { ولكن كثيرا منهم فاسقون } خارجون عن دينهم ، أو متمردون في نفاقهم . يعني : أن موالاتهم للمشركين كفى بها دليلا على نفاقهم ، وأن إيمانهم ليس بإيمان ، لأن تحريم ذلك متأكد في التوراة وفي شرع موسى عليه السلام . فلما فعلوا ذلك ظهر أنه ليس مرادهم تقرير دين موسى عليه السلام ، بل مرادهم الرياسة والجاه ، فيسعون في تحصيله بأي طريق قدروا عليه ، فلهذا وصفهم تعالى بالفسق .

وفي الآية وجه آخر : وهو أن يكون المعنى : ولو كانوا- أي منافقوا أهل الكتاب المدعون للإيمان- يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن حق الإيمان ، ما ارتكبوا ما ارتكبوه ، من موالاة الكافرين في الباطن .

والوجه الأول أقوم ، والله أعلم .