البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَوۡ كَانُواْ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلنَّبِيِّ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مَا ٱتَّخَذُوهُمۡ أَوۡلِيَآءَ وَلَٰكِنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ} (81)

{ ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء } إن كان المراد بقوله : { ترى كثيراً منهم } أسلافهم ، فالنبي داود وعيسى أو معاصري الرسول ، فالنبي هو محمد صلى الله عليه وسلم ، والذين كفروا عبدة الأوثان .

والمعنى : لو كانوا يؤمنون إيماناً خالصاً غير نفاق ، إذ موالاة الكفار دليل على النفاق .

والظاهر في ضمير كانوا وضمير الفاعل في ما اتخذوهم أنه يعود على كثيراً منهم ، وفي ضمير المفعول أنه يعود على الذين كفروا .

وقال القفال وجهاً آخر وهو : أن يكون المعنى ولو كان هؤلاء المتولون من المشركين يؤمنون بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم ما اتخذهم هؤلاء اليهود أولياء .

والوجه الأول أولى ، لأن الحديث إنما هو عن قوله كثيراً منهم ، فعود الضمائر على نسق واحد أولى من اختلافها .

وجاء جواب لو منفياً بما بغير لام ، وهو الأفصح ، ودخول اللام عليه قليل نحو قوله :

لو أن بالعلم تعطى ما تعيش به *** لما ظفرت من الدنيا بنقرون

{ ولكن كثيراً منهم فاسقون } خص الكثير بالفسق ، إذ فيهم قليل قد آمن .

والمخبر عنهم أولاً هو الكثير ، والضمائر بعده له ، وليس المعنى .

ولكنّ كثيراً من ذلك الكثير .

ولكنه لما طال أعيد بلفظه ، وكان من وضع الظاهر بلفظه موضع الضمير ، إذ كان السياق يكون : ما اتخذوهم أولياء ، ولكنهم فاسقون .

فوضع الظاهر موضع هذالضمير .