نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَوۡ كَانُواْ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلنَّبِيِّ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مَا ٱتَّخَذُوهُمۡ أَوۡلِيَآءَ وَلَٰكِنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ} (81)

ولما كان هذا دليلاً على كفرهم ، دل عليه بقوله : { ولو } أي فعلوا ذلك مع دعواهم الإيمان والحال أنهم لو { كانوا } أي كلهم { يؤمنون } أي يوجد منهم إيمان { بالله } أي الملك الأعلى الذي له الإحاطة بكل شيء { والنبي } أي الذي له الوصلة التامة بالله ، ولذا أتبعه قوله : { وما أنزل إليه } أي من عند الله أعم من القرآن وغيره إيماناً خالصاً من غير نفاق { ما اتخذوهم } أي المشركين مجتهدين في ذلك { أولياء } لأن مخالفة الاعتقاد تمنع الوداد ، {[27280]} فمن كان منهم{[27281]} باقياً على يهوديته ظاهراً وباطناً ، فالألف في " النبي " لكشف سريرته للعهد ، أي النبي الذي ينتظرونه ويقولون : إنه غير محمد صلى الله عليه وسلم أو{[27282]} للحقيقة أي لو كانوا يؤمنون بهذه الحقيقة - أي حقيقة النبوة - ما والوهم ، فإنه لم يأت نبي إلا بتكفير المشركين - كما أشار إلى ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله " الأنبياء أولاد{[27283]} علات ، أمهاتهم شتى ودينهم واحد " كما سيأتي قريباً في حديث أبي هريرة ، يعني - والله أعلم - أن شرائعهم وإن اختلفت في الفروع فهي متفقة في الأصل وهو التوحيد ، و{[27284]} من كان منهم قد أظهر الإيمان فالمراد بالنبي في إظهار زيغه وميله وحيفه محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه نهى عن موالاة المشركين ، بل عن متاركتهم ، ولم يرض إلا بمقارعتهم ومعاركتهم .

ولما{[27285]} أفهمت الشرطية عدم إيمانهم ، استثنى منها منبهاً بوضع الفسق{[27286]} موضع عدم الإيمان{[27287]} على أنه{[27288]} الحامل عليه فقال : { ولكن كثيراً منهم فاسقون } أي متمكنون في خلق المروق من دوائر الطاعات .


[27280]:في ظ: فمنهم من كان.
[27281]:في ظ: فمنهم من كان.
[27282]:في ظ: أي.
[27283]:من ظ، وفي الأصل: أولات- كذا.
[27284]:زيد بعده في ظ: منهم.
[27285]:زيد بعده في الأصل: أفهم ذلك، ولم تكن الزيادة في ظ فحذفناها.
[27286]:في ظ: بالفسق.
[27287]:في ظ: عليه.
[27288]:في ظ: عليه.