قوله تعالى : " ولو كانوا " : الظاهرُ أنَّ اسم " كَانَ " وفاعل " اتَّخَذُوهُمْ " عائدٌ على " كَثِيراً " من قوله : { تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ } ، والضميرُ المنصوب في " اتَّخَذُوهمْ " يعودُ على " الَّذِينَ كَفَرُوا " في قوله : { يَتوَلَّوْنَ الذين كفرُوا } .
والمعنى : لوْ كانُوا يُؤمِنُون بِاللَّه ، والنَّبِيِّ ، وهو مُوسَى عليه الصلاة والسلام ، وما أُنْزِلَ إليهِ ما اتَّخَذُوا المُشْركين أوْلِيَاء ؛ لأنَّ تَحْريمَ ذلك مُتَأكدٌ في التَّوْرَاة ، وفي شَرْع مُوسَى صلى الله عليه وسلم ، فلمَّا فَعَلُوا ذلك ، ظَهَرَ أنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُمْ تَقْرِير دين مُوسى - عليه الصلاة والسلام - بل مرادُهُمُ الرِّياسَةُ والجَاهُ ، ويسعونَ في تَحْصيلهِ بأيِّ طريقٍ قدروا عليه ، وبهذا وَصَفَهُمُ اللَّهُ بالفِسْقِ ، فقالَ تعالى : { وَلَكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } .
وأجاز القفَّالُ أن يكون اسم " كَانَ " يعودُ على " الَّذِينَ كَفَروا " ، وكذلك الضميرُ المنصوبُ في " اتَّخَذُوهُمْ " ، والضميرُ المرفوعُ في " اتَّخَذُوهُمْ " يعودُ على اليهود ، والمرادُ بالنبيِّ [ محمدٌ ] صلى الله عليه وسلم والتقديرُ : ولو كان الكافرون المُتَولَّوْنَ مؤمنينَ بمحمَّدٍ والقرآنِ ، ما اتخذَهُمْ هؤلاء اليهودُ أولياءَ ، والأولُ أوْلَى ؛ لأن الحديثَ عن كثيرٍ ، لا عن المتولَّيْنَ ، وجاء جواب " لَوْ " هنا على الأفصحِ ، وهو عدمُ دخولِ اللام عليه ؛ لكونه منفيًّا ؛ ومثله قول الآخر : [ البسيط ]
لَوْ أنَّ بالعْلمِ تُعْطَى مَا تَعِيشُ به *** لَمَا ظَفِرْت مِنَ الدُّنْيَا بِثُفْرُوقِ{[12405]}
وقوله تعالى : { ولكنَّ كثيراً منهُمْ } هذا الاستدراكُ واضحٌ بما تقدَّم ، وقوله تعالى : " كَثِيراً " هو من إقامةِ الظاهرِ مقام المضمر ؛ لأنه عبارةٌ عن " كَثِيراً منهم " المتقدِّم ؛ فكأنه قيل : تَرَى كثيراً مِنْهُمْ ، ولكنَّ ذلك الكَثِيرَ ، ولا يريدُ ، ولكنَّ كثيراً من ذلك الكَثِيرِ فَاسِقُون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.