{ أَنَّهَا } أي النار الدال عليها الكلام وقيل الضمير للشعب { تَرْمِى بِشَرَرٍ } هو ما تطاير من النار سمي بذلك لاعتقاد الشر فيه وهو اسم جنس جمعي واحده شررة { كالقصر } كالدار الكبيرة المشيدة والمراد كل شررة كذلك في العظم ويدل على إرادة ذلك ما بعد ويؤيده قراءة ابن عباس وابن مقسم بشرار بكسر الشين وألف بين الراءين فإن الظاهر أنه جمع شررة كرقبة ورقاب فيدل على أن المشبه بالقصر الواحدة وكذا قراءة عيسى بشرار بفتح الشين وألف بين الراءين أيضاً فقد قيل أنه جمع لشرارة لا مفرد وجوز على قراءة الكسر أن يكون جمع شر غير أفعل التفضيل كخيار جمع خير وهو حينئذٍ صفة أقيمت مقام موصوفها أي ترمي بقوم شرار وهو خلاف الظاهر وقيل القصر الغليظ من الشجر واحده قصرة نحو جمرة وجمر وقيل قطع من الخشب قدر الذراع وفوقه ودونه يستعد به للشتاء واحده كذلك فالتشبيه من تشبيه الجمع بالجمع من غير احتياج للتأويل بما مر إلا أن التهويل على القول الأخير دونه على غيره وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن جبير والحسن وابن مقسم كالقصر بفتح القاف والصاد وهي أصول النخل وقيل أعناقها واحدها قصرة كشجرة وشجر وفي كتاب النبات الحبة لها قشرتان التحتية تسمى قشرة والفوقية تسمى قصرة ومنه قوله تعالى كالقصر وهو غريب وقرأ ابن مسعود كالقصر بضمتين جمع قصر كرهن ورهن وفي «البحر » كأنه مقصور من القصور كالنجم من النجوم وهو مخالف للظاهر لأن مثله ضرورة أو شاذ نادر وقرأ ابن جبير والحسن أيضاً كالقصر بكسر القاف وفتح الصاد جمع قصرة بفتحتين كحلقة من الحديد وحلق وحاجة وحوج وبعض القراء كالقصر بفتح القاف وكسر الصاد وهو بمعنى القصر في قراءة الجمهور
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ذكر الظل فقال: {إنها ترمي بشرر كالقصر} وهو أصول الشجر يكون في البرية، فإذا جاء الشتاء قطعت أغصانها فتبقى أصولها، فيحرقها البرد فتسود فتراها في البرية كأمثال الجمال إذا أنيخ في البرية، فذلك قوله: {إنها ترمي بشرر كالقصر}
قال مالك عن زيد بن أسلم: يعني أصول الشجر.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
إن جهنم ترمي بشرر كالقصر، فقرأ ذلك قرّاء الأمصار:"كالْقَصْرِ "بجزم الصاد. واختلف الذين قرأوا ذلك كذلك في معناه، فقال بعضهم: هو واحد القصور.
وقال آخرون: بل هو الغليظ من الخشب، كأصول النخل وما أشبه ذلك...
وأولى التأويلات به أنه القصر من القصور، وذلك لدلالة قوله: كأنهُ جِمالاتٌ صُفْرٌ على صحته، والعرب تشبه الإبل بالقصور المبنية...
وقيل: كالقصر، ومعنى الكلام: كعظم القصر...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
فيه إخبار عن عظم شررها وقدرها خلافا لما عليه الشرر في الدنيا، لا يأخذ مكانا بل يتبين ثم ينطفئ، ثم جائز أن يكون بعض شررها في العظم كالخيام وبعضها كالقصور وبعضها كأصول الأشجار.
{إنها ترمي بشرر} قال الواحدي: يقال شررة وشرر وشرارة وشرار، وهو ما تطاير من النار متبددا في كل جهة، وأصله من شررت الثوب إذا أظهرته وبسطته للشمس، والشرار ينبسط متبددا.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما بين أن هذا الظل زيادة في العذاب، وكان من المعلوم أنه لا يكون دخان إلا من نار، قال مبيناً أنه لو كان هناك ظل ما أغنى: {إنها} أي النار التي دل عليها السياق {ترمي} أي من شدة الاستعار.
{بشرر} وهو ما تطاير من النار إذا التهبت، واحدتها شرارة وهي صواعق تلك الدار.
{كالقصر} أي كل شرارة منها كأنها قصر مشيد من عظمها.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
انطلقوا، وإنكم لتعرفون إلى أين! وتعرفونها هذه التي تنطلقون إليها. فلا حاجة إلى ذكر اسمها.. هذا هو الشرر فكيف بالنار التي ينطلق منها الشرر؟!
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
يجوز أن يكون هذا من تمام ما يقال للمكذبين الذين قيل لهم: {انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون} [المرسلات: 29]، فإنهم بعد أن حصل لهم اليأس مما ينفِّس عنهم ما يَلقون من العذاب، وقيل لهم: انطلقوا إلى دخان جهنم ربما شاهدوا ساعتئذٍ جهنم تقذف بشررها فيروعهم المنظر، أو يشاهدونها عن بعد لا تتضح منه الأشياء وتظهر عليهم مخائل توقعهم أنهم بالغون إليه فيزدادون روعاً وتهويلاً، فيقال لهم: إن جهنم {ترمي بشرر كالقصر كأنه جِمَالات صفر}.
ويجوز أن يكون اعتراضاً في أثناء حكاية حالهم، أو في ختام حكاية حالهم.
فضمير {إنها} عائد إلى جهنم التي دل عليها قوله: {ما كنتم به تكذبون}
وإجراء تلك الأوصاف في الإِخبار عنها لزيادة الترويع والتهويل، فإن كانوا يرون ذلك الشرر لقربهم منه فوصفه لهم لتأكيد الترويع والتهويل بتظاهر السمع مع الرؤية. وإن كانوا على بعد منه فالوصف للكشف عن حاله الفظيعة.
وتأكيد الخبر ب (إنَّ) للاهتمام به لأنهم حِينئذٍ لا يشكون في ذلك سواء رأوه أو أخبروا به.
والشرر: اسم جمع شَرَرَة: وهي القطعة المشتعلة من دقيق الحطب يدفعها لهب النار في الهواء من شدة التهاب النار.
والقَصر: البناء العالي. والتعريف فيه للجنس، أي كالقصور لأنه شبه به جمع، وهذا التعريف مثل تعريف الكتاب في قوله تعالى: {وأنزلنا معهم الكتاب} [الحديد: 25]، أي الكُتب.
وعن ابن عباس: الكِتاب أكثرُ من الكُتُب، أي كل شررة كقصر، وهذا تشبيه في عظم حجمه.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.