المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ} (32)

والضمير في { إنها } لجهنم وقرأ عيسى بن عمر «بشرار » بألف جمع شرارة وهي لغة تميم ، و «القصر » في قول ابن عباس وجماعة من المفسرين اسم نوع القصور وهو إلا دوراً لكبار مشيدة ، وقد شبهت العرب بها النوق ومن المعنى قول الأخطل : [ البسيط ]

كأنها برج رومي يشيده*** لز بجص وآجر وجيار{[11551]}

وقال ابن عباس أيضاً : «القصر » : خشب كان في الجاهلية يقطع من جزل الحطب من النخل وغيره على قدر الذراع وفوقه ودونه يستعد به للشتاء يسمى «القَصَر » واحده قصرة{[11552]} وهو المراد في الآية ، وإنما سمي القَصَّار لأنه يخبط بالقصرة ، وقال مجاهد : «القصر » حزم الحطب . وهذه قراءة الجمهور ، وقرأ ابن عباس القَصَّار لأنه يخبط بالقصرة ، وقال مجاهد : «القصر » حزم الحطب . وهذه قراءة الجمهور ، وقرأ ابن عباس وابن جبير «القَصَر » جمع قصرة وهي أعناق النخل والإبل وكذلك أيضاً هي في الناس{[11553]} ، وقال ابن عباس جذور النخل ، وقرأ ابن جبير أيضاً والحسن : «كالقِصَر » بسكر القاف وفتح الصاد ، وهي جمع قصرة كحلقة وحلق من الحديد .


[11551]:هذا البيت من قصيدة طويلة قالها أبو أمامة غياث بن غوث التغلبي المعروف بالأخطل، ومطلعها: (تغير رسم الدار من سلمى بأحفار)، وهو في وصف الناقة، وقد استشهد به المؤلف هنا على أن العرب قد تشبه النوق في ضخامتها بالقصور أو بالدور الكبيرة، والبرج: البناء العالي أو الحصن، ولز الشيء بالشيء: شد وألصق، والجص: من مواد البناء، والآجر اللبن المحرق المعد للبناء والقصيدة في الديوان وفي جمهرة أشعار العرب.
[11552]:على وزن تمرة وتمر.
[11553]:جاء في اللسان: "والقصرة بالتحريك: أصل العنق، قال اللحياني: إنما يقال لأصل العنق قصرة إذا غلظت، والجمع قصر.