مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ} (32)

الصفة الرابعة : قوله تعالى : { إنها ترمي بشرر } قال الواحدي : يقال شررة وشرر وشرارة وشرار ، وهو ما تطاير من النار متبددا في كل جهة وأصله من شررت الثوب إذا أظهرته وبسطته للشمس والشرار ينبسط متبددا ، واعلم أن الله تعالى وصف النار التي كان ذلك الظل دخانا لها بأنها ترمي بالشرارة العظيمة ، والمقصود منه بيان أن تلك النار عظيمة جدا ، ثم إنه تعالى شبه ذلك الشرر بشيئين ( الأول ) بالقصر وفي تفسيره قولان : ( أحدهما ) أن المراد منه البناء المسمى بالقصر قال ابن عباس : يريد القصور العظام ( الثاني ) أنه ليس المراد ذلك ، ثم على التقدير ففي التفسير وجوه ( أحدها ) أنها جمع قصرة ساكنة الصاد كتمرة وتمر وجمرة وجمر ، قال المبرد : يقال للواحد من الحطب الجزل الغليظ قصرة والجمع قصر ، قال عبد الرحمن بن عابس : سألت ابن عباس عن القصر فقال : هو خشب كنا ندخره للشتاء نقطعه وكنا نسميه القصر ، وهذا قول سعيد بن جبير ومقاتل والضحاك ، إلا أنهم قالوا : هي أصول النخل والشجر العظام ، قال صاحب الكشاف : قرئ كالقصر بفتحتين وهي أعناق الإبل أو أعناق النخل نحو شجرة وشجر ، وقرأ ابن مسعود كالقصر بمعنى القصر كرهن ورهن ، وقرأ سعيد بن جبير كالقصر في جمع قصرة كحاجة وحوج .