اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ} (32)

{ إِنَّهَا } أي إن جهنم ، لأن السياق{[59046]} كله لأجلها .

وقرأ العامة : «بِشَررٍ » بفتح الشين وعدم ألف بين الراءين .

وورش{[59047]} يرقّق{[59048]} الراء الأولى لكسر التي بعدها .

وقرأ ابن عباس وابن مقسم : بكسر الشين{[59049]} وألف بين الراءين .

وعيسى{[59050]} كذلك ، إلا أنه يفتح الشين .

فقراءة ابن عباس : يجوز أن تكون جمعاً ل «شَرَرة » ، و «فَعَلة » تجمع على «فِعَال » نحو «رَقَبة ورِقَاب ، ورحبة ورِحَاب » .

وأن يكون جمعاً ل «شر » لا يراد به «أفعل » التفضيل : يقال : رجل شر ، ورجال أشرار ورجل خير ورجال أخيار ، ويؤنثان ، فيقال : امرأة شرة وامرأة خيرة ، فإن أريد بهما التفضيل امتنع ذلك فيهما ، واختصّا بأحكام مذكورة في كتب النحو ، أي : ترمي بشرار من العذاب ، أو بشرار من الخلق .

وأما قراءة عيسى : فهو جمع شرارة بالألف ، وهي لغة تميم ، والشررة والشرارة : ما تطاير من النار منصرفاً .

قال القرطبي{[59051]} : «الشرر : واحدته شررة ، والشرار : واحدته شرارة ، وهو ما تطاير من النار في كل جهة ، وأصله من شررت الثوب إذا بسطته للشمس ليجفَّ .

والقَصْر : البناء العالي » .

قوله : { كالقصر } العامة على فتح القاف وسكون الصاد ، وهو من القصر المعروف شبِّهت به في كبره وعظمه .

وابن عباس وتلميذه ابن جبير والحسن{[59052]} : بفتح القاف والصَّاد ، وهي جمع قصرة - بالفتح - والقصرة : أعناق الإبل والنخل وأصول الشجر .

وقرأ ابن{[59053]} جبير والحسن أيضاً : بكسر القاف وفتح الصَّاد ، جمع قصرة بفتح القاف .

قال الزمخشري : «كحاجة وحوج » .

وقال أبو حيان{[59054]} : «كحلقة من الحديد وحلق » .

وقرئ{[59055]} : «كالقَصِر » بفتح القاف وكسر الصاد .

قال شهاب الدين{[59056]} : ولم أر لها توجيهاً ، ويظهر أن يكون ذلك من باب الإتباع والأصل : كالقصر - بسكون الصاد - ثم أتبع الصاد حركة الراء فكسرها ، وإذا كانوا قد فعلوا ذلك في المشغول بحركة نحو «كَتِف ، وكَبِد » فلأن يفعلوه في الخالي منها أولى ، ويجوز أن يكون ذلك للنقل ، بمعنى أنه وقف على الكلمة ، فنقل كسرة الراء إلى الساكن قبلها ، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف ، وهو باب شائع عند القراء والنحاة .

وقرأ عبد الله{[59057]} : قُصُر وفيها وجهان :

أحدهما : أنه جمع قصر ، ك «رَهْن ورُهُن » . قاله الزمخشري .

والثاني : أنه مقصور من قصور ؛ كقوله : [ الرجز ]

5060- فِيهَا عَيَايِيلُ أسُودٌ ونُمُرْ{[59058]}*** . . .

يريد : نمور ، فقصر ، وكقوله : { والنجم } [ النجم : 1 ] يريد : النجوم .

وتخريج الزمخشري أولى ، لأن محل الثاني إما الضرورة ، وإما الندور .


[59046]:في ب: البيان.
[59047]:في أ: وعيسى.
[59048]:ينظر: الدر المصون 6/457.
[59049]:ينظر: البحر المحيط 8/398، والدر المصون 6/457.
[59050]:ينظر: السابق.
[59051]:الجامع لأحكام القرآن 19/106.
[59052]:ينظر: المحرر الوجيز 5/420، والبحر المحيط 8/398، والدر المصون 6/458.
[59053]:ينظر: السابق.
[59054]:البحر المحيط 8/403.
[59055]:ينظر: البحر المحيط 8/398، والدر المصون 6/458,
[59056]:الدر المصون 6/458.
[59057]:ينظر: البحر المحيط 8/398، والدر المصون 6/458.
[59058]:تقدم.