الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (34)

قوله تعالى : " ليكفروا بما آتيناهم " قيل : هي لام كي . وقيل : هي لام أمر فيه معنى التهديد ، كما قال جل وعز : " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " {[12506]} [ الكهف : 29 ] . " فتمتعوا فسوف تعلمون " تهديد ووعيد . وفي مصحف عبدالله " وليتمتعوا " ، أي مكناهم من ذلك لكي يتمتعوا ، فهو إخبار عن غائب ، مثل : " ليكفروا " . وهو على خط المصحف خطاب بعد الإخبار عن غائب ، أي تمتعوا أيها الفاعلون لهذا .


[12506]:راجع ج 10 ص 392 فما بعد.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (34)

ولما كان هذا{[53108]} الفعل مما لا يفعله إلا شديد الغباوة أو العناد ، وكانوا يدعون أنهم أعقل الناس ، ربا بهم عن منزلة البله إلى ما الجنون خير منه تهكماً بهم فقال : { ليكفروا بما }{[53109]} ولفت الكلام إلى مظهر العظمة فقال{[53110]} : { آتيناهم } أي من الرحمة التي من عظمتها أنه لا يقدر عليها غيرنا أمناً من أن يقعوا في شدة اخرى فنهلكهم بما أغضبونا ، أو توسلاً بذلك إلى أن{[53111]} نخلصهم متى وقعوا في أمثالها ، فما أضل عقولهم وأسفه{[53112]} آراءهم ! .

ولما كان فعلهم هذا سبباً لغاية الغضب ، دل عليه بتهديده ملتفتاً إلى المخاطبة بقوله : { فتمتعوا } أي بما{[53113]} أردتم فيه بالشرك من اجتماعكم عند الأصنام وتواصلكم بها وتعاطفكم ، وسبب عن{[53114]} هذا التمتع قوله : { فسوف تعلمون* } أي يكون لكم بوعد لا خلف فيه علم فتعرفون إذا حل بكم البلاء وأحاط بكم جميعاً المكروه{[53115]} هل ينفعكم شيء من الأصنام أو من اتخذتم عنده يداً بعبادتها ووافقتموه في التقرب إليها .


[53108]:زيد من م.
[53109]:سقط ما بين الرقمين من م.
[53110]:سقط ما بين الرقمين من م.
[53111]:في ظ: أنهم.
[53112]:من ظ وم، وفي الأصل: أسعة ـ كذا.
[53113]:زيد من ظ وم.
[53114]:في ظ: من.
[53115]:زيدت الواو في ظ.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (34)

قوله : { لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ } لام كي أو التعليل . وقيل : لام الأمر والمراد به الوعيد والتهديد لهؤلاء المشركين الذين إذا أصابهم البلاء من ربهم دعوه تائبين مخلصين حتى إذا خوَّلهم منه نعمة وفضلا بادروا بالإشراك ومعاودة الضلال والعصيان والكفران .

قوله : { فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } وهذا الوعيد والتهديد ؛ أي تمتعوا أيها الجاحدون الضالون بما أوتيتم من نعمة فسوف ترون ما يعقب هذا الرخاء الزائل من العذاب المهين .