الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَدۡعُونَ مِن قَبۡلُۖ وَظَنُّواْ مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٖ} (48)

" وضل عنهم " أي بطل عنهم " ما كانوا يدعون من قبل " في الدنيا " وظنوا " أي أيقنوا وعلموا " ما لهم من محيص " أي فرار عن النار . و " ما " هنا حرف وليس باسم ؛ فلذلك لم يعمل فيه الظن وجعل الفعل ملغى . تقديره : وظنوا أنهم ما لهم محيص ولا مهرب . يقال : حاص يحيص حَيْصَا ومَحِيصًا إذا هرب . وقيل : إن الظن هنا الذي هو أغلب الرأي ، لا يشكون في أنهم أصحاب النار ولكن يطمعون أن يخرجوا منها . وليس يبعد أن يكون لهم ظن ورجاء إلى أن يؤيسوا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَدۡعُونَ مِن قَبۡلُۖ وَظَنُّواْ مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٖ} (48)

ولما قرر جهلهم ، أتبعه عجزهم فقال : { وضل } أي ذهب وشذ وغاب وخفي { عنهم } ولما كانت معبوداتهم إما ممن لا يعقل كالأصنام وإما في عداد ذلك لكونهم لا فعل لهم في الحقيقة ، عبر عنهم بأداة ما لا يعقل فقال : { ما كانوا } أي دائماً { يدعون } في كل حين على وجه العبادة .

ولما كان دعاؤهم لهم غير مستغرق لزمان القبل ، أدخل الجار فقال : { من قبل } فهم لا يرونه فضلاً عن أنهم يجدون نفعه ويلقونه ، كأنهم كانوا لما هم عريقون فيه من الجهل وسوء الطبع يتوقعون أن يظفروا بهم فيشفعوا لهم ، فلذلك عبر بالظن في قوله : { وظنوا } أي في ذلك الحال { ما لهم } وأبلغ في النفي بإدخال الجار على المبتدأ المؤخر فقال { من محيص * } أي مهرب وملجأ ومعدل .