الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗۖ وَمَا كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّؤۡمِنِينَ} (67)

" إن في ذلك لآية " أي علامة على قدرة الله تعالى " وما كان أكثرهم مؤمنين " لأنه لم يؤمن من قوم فرعون إلا مؤمن آل فرعون واسمه حزقيل وابنته آسية امرأة فرعون ، ومريم بنت ذا موسى العجوز التي دلت على قبر يوسف الصديق عليه السلام . وذلك أن موسى عليه السلام لما خرج ببني إسرائيل من مصر أظلم عليهم القمر فقال لقومه : ما هذا ؟ فقال علماؤهم : إن يوسف عليه السلام لما حضره الموت أخذ علينا موثقا من الله ألا نخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا . قال موسى : فأيكم يدري قبره ؟ قال : ما يعلمه إلا عجوز لبني إسرائيل ، فأرسل إليها ؛ فقال : دليني على قبر يوسف ، قالت : لا والله لا أفعل حتى تعطيني حكمي ، قال : وما حكمك ؟ قالت : حكمي أن أكون معك في الجنة ؛ فثقل عليه ، فقيل له : أعطها حكمها ، فدلتهم عليه ، فاحتفروه واستخرجوا عظامه ، فلما أقلوها ، فإذا الطريق مثل ضوء النهار في رواية : فأوحى الله إليه أن أعطها ففعل ، فأتت بهم إلى بحيرة ، فقالت لهم : أنضبوا هذا الماء فأنضبوه واستخرجوا عظام يوسف عليه السلام ؛ فتبينت لهم الطريق مثل ضوء النهار . وقد مضى في " يوسف " {[12209]} . وروى أبو بردة عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بأعرابي فأكرمه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حاجتك ) قال : ناقة أرحلها وأعنزا أحلبها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فلم عجزت أن تكون مثل عجوز بني إسرائيل ) فقال أصحابه : وما عجوز بني إسرائيل ؟ فذكر لهم حال هذه العجوز التي احتكمت على موسى أن تكون معه الجنة .


[12209]:راجع ج 9 ص 270 طبعة أولى أو ثانية.