الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فِي بِضۡعِ سِنِينَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (4)

قوله تعالى : " لله الأمر من قبل ومن بعد " أخبر تعالى بانفراده بالقدرة وأن ما في العالم من غلبة وغيرها إنما هي منه وبإرادته وقدرته فقال " لله الأمر " أي إنفاذ الأحكام .

" من قبل ومن بعد " أي من قبل هذه الغلبة ومن بعدها . وقيل : من قبل كل شيء ومن بعد كل شيء . و " من قبل ومن بعد " ظرفان بنيا على الضم ؛ لأنهما تعرفا بحذف ما أضيفا إليهما وصارا متضمنين ما حذف فخالفا تعريف الأسماء وأشبها الحروف في التضمين فبنِيا ، وخصا بالضم لشبههما بالمنادى المفرد في أنه إذا نكر وأضيف زال بناؤه ، وكذلك هما فضما . ويقال : " من قبل ومن بعد " . وحكى الكسائي عن بعض بني أسد " لله الأمر من قبل ومن بعد " الأول مخفوض منون ، والثاني مضموم بلا تنوين . وحكى الفراء " من قبل ومن بعد " مخفوضين بغير تنوين . وأنكره النحاس ورده . وقال الفراء في كتابه : في القرآن أشياء كثيرة ، الغلط فيها بين ، منها أنه زعم أنه يجوز " من قبل ومن بعد " وإنما يجوز " من قبل ومن بعد " على أنهما نكرتان . قال الزجاج : المعنى من متقدم ومن متأخر . " ويومئذ يفرح المؤمنون . بنصر الله " تقدم ذكره .