الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَطَافَ عَلَيۡهَا طَآئِفٞ مِّن رَّبِّكَ وَهُمۡ نَآئِمُونَ} (19)

فجاؤوها ليلا فرأوا الجنة مسودة قد طاف عليها طائف من ربك وهم نائمون . قيل : الطائف جبريل عليه السلام ، على ما تقدم ذكره . وقال ابن عباس : أمر من ربك . وقال قتادة : عذاب من ربك . ابن جريج : عتق من نار خرج من وادي جهنم . والطائف لا يكون إلا بالليل ، قاله الفراء .

الثالثة- قلت : في هذه الآية دليل على أن العزم مما يؤاخذ به الإنسان ؛ لأنهم عزموا على أن يفعلوا فعوقبوا قبل فعلهم . ونظير هذه الآية قوله تعالى : " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم{[15258]} " [ الحج : 25 ] . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ) قيل : يا رسول الله ، هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : ( إنه كان حريصا على قتل صاحبه ) . وقد مضى مبينا في سورة " آل عمران " عند قوله تعالى : " ولم يصروا على ما فعلوا{[15259]} " [ آل عمران : 135 ] .


[15258]:راجع جـ 12 ص 34.
[15259]:راجع جـ 4 ص 215.