لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ} (60)

قوله جل ذكره : { هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } .

يقال : الإحسانُ الأول من الله والثاني من العبد ؛ أي : هل جزاء مَنْ أحسنَّا إليه بالنصرة إلاَّ أن يُحْسِن لنا بالخدمة ؟ وهل جزاء مَنْ أحسنَّا إليه بالولاء إلا أن يحسن لنا بالوفاء ؟

ويصح أن يكون الإحسانُ الأول من العبد والثاني من الله ؛ أي : هل جزاء من أحسن من حيث الطاعة إلا أن يُحْسَنَ إليه من حيث القبول والثواب ؟

وهل جزاء من أحسن من حيث الخدمة إلا أن يُحْسَنَ إليه من حيث النعمة ؟

ويصح أن يكون الإحسانان من الحقِّ ؛ أي : هل جزاء مَنْ أحسنَّا إليه في الابتداء إلا أن نُحْسِنَ إليه في الانتهاء ؟ وهل جزاء مَنْ فاتحناه باللُّطف إلا أن نُرْبِيَ له في الفضل والعطف ؟

ويصحُّ أن يكون كلاهما من العبد ؛ أي : هل جزاء من آمن بنا إلاَّ أَن يَثْبت في المستقبل على إيمانه ؛ وهل جزاء مَنْ عَقَد معنا عقد الوفاء إلا أَنْ يقوم بما يقتضيه بالتفصيل ؟

ويقال : هل جزاء مَنْ بَعُدَ عن نَفْسِه إلاَّ أَنْ نُقَرِّبَه مِنَّا ؟

وهل جزاء مَنْ فَنِيَ عَنْ نَفْسِه إلاَّ أَنْ يبقى بنا ؟

وهل جزاء مَنْ رَفَعَ لنا خطوة إلاَّ أَن نكافِئِه بكل خطوة ألف حظْوَة ، وهل جزاء من حفظ لنا طَرْفَه إلا أن نُكْرِمَه بلقائنا ؟ .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ} (60)

وقوله تعالى : { هَلْ جَزَاء } استئناف مقرر لمضمون ما قبله أي ما جزاء الإحسان في العمل إلا الإحسان في الثواب ، وقيل : المراد ما جزاء التوحيد إلا الجنة وأيد بظواهر كثير من الآثار ، أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول . والبغوي في تفسيره ، والديلمي في مسند الفروس . وابن النجار في تاريخه عن أنس قال : " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { هَلْ جَزَاء الإحسان إِلاَّ الإحسان } فقال : وهل تدرون ما قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : يقول : «هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة " وأخرج ابن النجار في تاريخه عن علي كرم الله تعالى وجهه مرفوعاً بلفظ : " قال الله عز وجل هل جزاء من أنعمت عليه " الخ ووراء ذلك أقوال تقرب من مائة قول ، واختير العموم ويدخل التوحيد دخولاً أولياً ، والصوفية أوردوا الآية في باب الإحسان وفسروه بما في الحديث " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " قالوا : فهو اسم يجمع أبواب الحقائق ، وقرأ ابن أبي إسحاق إلا الحسان يعني بالحسان قاصرات الطرف اللاتي تقدم ذكرهن .