لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ فُرُشِۭ بَطَآئِنُهَا مِنۡ إِسۡتَبۡرَقٖۚ وَجَنَى ٱلۡجَنَّتَيۡنِ دَانٖ} (54)

بطائنها من استبرق فكيف بظهائرها ؟ " والبطائن " : ما يلي الأرض . " والاستبرق " : الديباج الغليظ . وإنما خاطَبَهم على قَدْرِ فَهْمِهم ؛ إذا يقال إنه ليس في الجنة شيء مما يُشْبِه ما في الدنيا ، وإنما الخطاب مع الناس على قَدْرِ أفهامهم .

{ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } : أي ما يجتنى من ثمَرها - إذا أرادوه- دنا إلى أفواههم فتناولوه من غير مَشَقَّةٍ تنالهم . وفي الخبر المسند : " مَنْ قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر غَرَسَ الله له شجرةً في الجنة أصلها الذهب وفرعها الدر وطلعها كثدي الأبكار ألين من الزبد وأحلى من العسل ، كلما أخذ منها شيئاً عاد كما كان " - وذلك قوله : { ودنا الجنتين دان } .

ويقال : ينالها القائم والقاعد والنائم .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ فُرُشِۭ بَطَآئِنُهَا مِنۡ إِسۡتَبۡرَقٖۚ وَجَنَى ٱلۡجَنَّتَيۡنِ دَانٖ} (54)

{ مُتَّكِئِينَ } حال من قوله تعالى : { ولمن خاف } [ الرحمن : 46 ] وجمع رعاية للمعنى بعد الافراد رعاية للفظ ، وقيل : العامل محذوف أي يتنعمون متكئين ، وقيل : مفعول به بتقدير أعني ، والاتكاء من صفات المتنعم الدالة على صحة الجسم وفراغ القلب ، والمعنى متكئين في منازلهم { عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } من ديباج ثخين قال ابن مسعود كما رواه عنه جمع . وصححه الحاكم أخبرتم بالبطائن فكيف بالظهائر ، وقيل : ظهائرها من سندس ، وعن ابن جبير من نور جامد ، وفي حديث من نور يتلألأ وهو إن صح وقف عنده .

وأخرج ابن جرير . وغيره عن ابن عباس أنه قيل له : { بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } فماذا الظواهر ؟ قال : ذلك مما قال الله تعالى : { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُوَّةَ أَعْيُنِ } [ السجدة : 17 ] وقال الحسن : البطائن هي الظهائر وروي عن قتادة وقال الفراء : قد تكون البطانة الظاهرة والظاهرة البطانة لأن كلاً منهما يكون وجهاً والعرب تقول : هذا ظهر السماء وهذا بطن السماء ، والحق أن البطائن هنا مقابل الظهائر على الوجه المعروف ، وقرأ أبو حيوة { فُرُشٍ } بسكون الراء ، وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : قرأ عبد الله على ( سُرُرٍ . وَفُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ) { وَجَنَى الجنتين } أي ما يجني ويؤخذ من أشجارهما من الثمار ، فجنى اسم أو صفة مسبهة بمعنى المجنى { دَانٍ } قريب يناله القائم . والقاعد . والمضطجع ، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : تدنو الشجرة حتى يجتنيها ولي الله تعالى إن شاء قائماً وإن شاء قاعداً وإن شاء مضطجعاً ، وعن مجاهد ثمار الجنتين دانية إلى أفواه أربابها فيتناولونها متكئين فإذا اضطجعوا نزلت بإزاء أفواههم فيتناولونها مضطجعين لا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك ، وقرأ عيسى { وَجَنَى } بفتح الجيم وكسر النون كأنه أمال النون وإن كانت الألف قد حذفت في اللفظ كما أمال أبو عمرو { حتى نَرَى الله جَهْرَةً } [ البقرة : 55 ] وقرئ دوجنى } بكسر الجيم وهو لغة فيه .