قوله جل ذكره : { اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } .
{ وَصَوًّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } : خَلقَ العرشَ والكرسيّ والسماوات والأرضين وجميعَ المخلوقاتِ ولم يقُلْ هذا الخطاب ، وإنما قال لنا : { وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } وليس الحَسَنُ ما يستحسنه الناسُ بل الحَسنُ ما يستحسنه الحبيبُ :
ما حطك الواشون عن رتبةٍ *** عندي ولا ضَرَّك مُعتابُ
كأنهم أَثْنَوْا -ولم يعلموا- *** عليكَ عندي بالذي عابوا
لم يَقُلْ للشموس في علائها ، ولا للأقمار في ضيائها : { وَصَوَّرَكُمْ فََأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } .
ولما انتهى إلينا قال ذلك ، وقال : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [ التين : 4 ] .
ويقال إن الواشين قَبَّحوا صورتكم عندنا ، بل الملائكةُ كتبوا في صحائفكم قبيحَ ما ارتكبتم . . ومولاكم أحسن صوركم ، بأن محا من ديوانكم الزّلاّت ، وأثبت بدلاً منها الحسنات ، قال تعالى : { يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } [ الرعد : 39 ] ، وقال : { فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } [ الفرقان : 70 ] .
قوله جل ذكره : { وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ } .
ليس الطيبُ ما تستطيبه النفْسُ إنما الطيب ما يستطيبُه القلبُ ، فالخبزُ القفار أطيب للفقير الشاكر من الحلواء للغنيِّ المتَسَخِّط .
ورِزْقُ النفوسِ الطعامُ والشرابُ ، ورزقُ القلوبِ لذاذات الطاعات .
قوله : { اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا } يعني من فضل الله عليكم أن جعل لكم الأرض مستقرّا ممهدا تعيشون على ظهرها وتسعون في مناكبها لتجدوا فيها معايشكم وأرزاقكم { وَالسَّمَاءَ بِنَاءً } أي رفع السماء فوقكم وزيَّنها بالكواكب ومختلف الأجرام وجعلها في تماسكها العجيب ، ومتانتها المكينة ، واتساقها المنتظم أية عظيمة تستدلون بها على عظمة الصانع القدير وعلى أنه موجِدُ الوجود .
قوله : { وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } أي خلقكم في أحسن خلقة وجعلكم في أحسن هيئة من جمال الشكل والمنظر ، وبديع السمت والتناسق في الأجزاء والأعضاء والقسمات والمركبات { وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ } رزقكم من مختلف المطاعم والمشارب ما تتنعمون وتتلذذون .
قوله : { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ } الذي لا تنبغي الإلهية والعبادة والإذعان إلا لجلاله ؛ فهو الخالق المالك المقتدر المنّان .
قوله : { فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } تعظم الله وتقدس في عليائه فهو خالق كل شيء وهو مالك ما في العالمين من إنس وجن وغيرهم من أجناس الخَلْق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.