فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡۖ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (64)

ثم ذكر لهم سبحانه نوعا آخر من نعمه التي أنعم بها عليهم ، مع ما في ذلك من الدلالة على كمال قدرته ، وتفرده بالإلهية فقال : { اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا } أي موضع قرار مع كونها في غاية الثقل ولا ممسك لها سوى قدرة الله وفيها تحيون وفيها تموتون { وَالسَّمَاءَ بِنَاءً } أي سقفا قائما ثابتا مع كونها أفلاكا دائرة بنجوم طول الزمان سائرة ينشأ عنها الليل والنهار ، والإظلام والإضاءة ، ثم بين بعض نعمه المتعلقة بأنفس العباد فقال :

{ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } أي خلقكم في أحسن صورة لم يخلق حيوانا أحسن منكم ، وقيل : لم يخلقكم منكوسين كالبهائم قيل خلق ابن آدم قائما معتدلا يأكل ويتناول بيده ، وغيره يتناول بفيه ، وقال الزجاج خلقكم أحسن الحيوان كله ، قرأ الجمهور صوركم بضم الصاد ، وقرأ الأعمش وأبو رزين بكسرها قال الجوهري : والصور بكسر الصاد لغة في الصور بضمها { وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ } أي المستلذات من المأكل والمشرب من غير رزق الدواب .

{ ذَلِكُمُ } المنعوت بهذه النعوت الجليلة { اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } أي كثر خيره وبركته .