لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِۚ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٞ وَدُودٞ} (90)

الاستغفار هو التوبة .

ومعنى قوله { ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ } أي توبوا ثم لا تُنْقِصُوا توبتَكم ؛ فهو أمرٌ باستدامة التوبة ؛ فإذا لم يتصل وفاءُ المآلِ بصفاءِ الحال لم يحصل قَبُولٌ ، وكأن لم يكن لِمَا سَلَفَ حصولٌ .

{ إنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ } : يرحم العصاةَ ويودُّهم .

ويقال يرحمهم ولذلك يودونه ؛ فالودود يكون بمعنى المودود كَحلُوب بمعنى محلوب . والرحمة تكون للعاصي لأنَّ المطيعَ بوصف استحقاقه للثواب على طاعاته ، ثم ليس كلُّ من يُحِبُّ السلطانَ في محلّ الأكابر ، فالأصاغِرُ من الجُنْدِ قد يحبون المَلِكَ ، وأنشدوا :

ألا رُبَّ مَنْ يدنو ويزعم أنه *** يودُّك ، والنّائي أودُّ وأقربُ