ثم قال : { واستغفروا رَبَّكُمْ } أي : من عبادة الأوثان ، ثُمَّ تُوبُوا إلى الله - عزَّ وجلَّ من البَخْس والنُّقصان { إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ } بأوليائه : " وَدُودٌ " الوَدُود : بناءُ مبالغة من ودَّ الشيء يوَدُّدُ وُدًّا ، وودَاداً ، ووِدَادَةً ووَدَادَةً أي : أحبًّه وآثره .
والمشهورُ " وَدِدْت " بكسر العين ، وسمع الكسائي " وَدَدْت " بفتحها ، والوَدُودُ بمعنى فاعل أي : يَوَدّ عباده ويرحمهم .
وقيل : بمعنى مفعولٍ بمعنى أنَّ عبادهُ يحبُّونه ويُوادُّون أولياءهُ ، فهم بمنزلة " المُوادِّ " مجازاً .
قال ابنُ الأنباري : الوَدُودُ- في أسماءِ الله تعالى- المُحِبُّ لعبادِهِ ، من قولهم : وَدِدْتُ الرَّجُلَ أوَدُّهُ .
قال الأزهريُّ{[18956]} - في " شرح كتاب أسماء الله الحسنى " - : ويجوزُ أن يكون " وَدُوداً فعُولاً بمعنى مفعول ، أي : إنَّ عبادهُ الصَّالحين يودونه لكثرة إفضاله وإحسانه على الخلق .
قال ابن الخطيب{[18957]} : واعلم أنَّ هذا التَّرتيب الذي رعاه شعيبٌ في ذكره الوجوه الخمسة ترتيبٌ لطيفٌ .
لأنَّهُ ذكر أولاً أنَّ ظهور البيِّنةِ له وكثرة الإنعام عليه في الظَّاهر والباطن يمنعه من الخيانة في وحي الله ، ويصده عن التَّهاون في تبليغه .
ثم بيًَّن ثانياً أنَه مواظب على العمل بهذه الدَّعوة ، ولو كانت باطلةً لما اشتغل هو بها مع اعترافهم بكون حَلِيماً رشيداً .
ثم بيَّن صحته بطريق آخر ، وهو أنَّه كان معروفاً بتحصيل موجبات الصلح ، والصَّلاح وإخفاء موجبات الفتنِ ، فلو كانت هذه الدعوة باطلة لما اشتغل بها ، ثمَّ لمَّا بيَّن صحة طريقته أشار إلى نفي المعارض وقال : لا تحملكم عداوتي على مذهبٍ ودين تقعُون بسببه في العذاب الشَّديد من الله ، كما وقع فيه أقوام الأنبياء المتقدمين ، ثم إنََّه لمَّا صحَّح مذهب نفسه بهذه الدلائل عاد إلى تقرير ما ذكره أولاً وهو التوحيد والمنع من البخس بقوله : { ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ } ثم بيَّن لهم أنَّ سبق الكفر والمعصية منهم لا ينبغي أن يمنعهم ن الإيمان والطَّاعة ؛ لأنَّه تعالى رحيمٌ ودودٌ يقبلُ الإيمان من الكافر والفاسق ؛ لأنَّ رحمته بعباده وحبه لهم يوجبُ ذلك ، وهذا تقرير في غاية الكمال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.