الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِۚ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٞ وَدُودٞ} (90)

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه { لا يجرمنكم شقاقي } لا يحملنكم فراقي .

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال { شقاقي } قال : عدواني .

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس . أن شعيباً قال لقومه : يا قوم اذكروا قوم نوح وعاد وثمود { وما قوم لوط منكم ببعيد } وكان قوم لوط أقربهم إلى شعيب ، وكانوا أقربهم عهداً بالهلاك { واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم } لمن تاب إليه من الذنب { ودود } يعني يحبه ، ثم يقذف له المحبة في قلوب عباده . فردوا عليه { قالوا يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفاً } كان أعمى { ولولا رهطك } يعني عشيرتك التي أنت بينهم { لرجمناك } يعني لقتلناك { وما أنت علينا بعزيز } { قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله } قالوا : بل الله . قال فاتخذتم الله وراءكم { ظهرياً } يعني تركتم أمره وكذبتم نبيه ، غير أن علم ربي أحاط بكم ، { إن ربي بما تعملون محيط } قال ابن عباس : وكان بعد الشرك أعظم ذنوبهم تطفيف المكيال والميزان ، وبخس الناس أشياءهم مع ذنوب كثيرة كانوا يأتونها ، فبدا شعيب فدعاهم إلى عبادة الله وكف الظلم وترك ما سوى ذلك .

وأخرج ابن أبي حاتم عن خلف بن حوشب قال : هلك قوم شعيب من شعيرة إلى شعيرة ، كانوا يأخذون بالرزينة ويعطون بالخفيفة .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله { ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي . . . } الآية . قال : لا يحملنكم عدواتي على أن تتمادوا في الضلال والكفر فيصيبكم من العذاب ما أصابهم .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله { وما قوم لوط منكم ببعيد } قال : إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن أبي ليلى الكندي رضي الله عنه قال : أشرف عثمان رضي الله عنه على الناس من داره وقد أحاطوا به فقال { يا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد } يا قوم لا تقتلوني ، إنكم إن قتلتموني كنتم هكذا ، وشبك بين أصابعه .

وأخرج أبو الشيخ وابن عساكر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله { وإنا لنراك فينا ضعيفاً } قال : كان أعمى ، وإنما عمي من بكائه من حب الله عز وجل .

وأخرج الواحدي وابن عساكر عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « بكى شعيب عليه السلام من حب الله حتى عمي ، فرد الله عليه بصره وأوحى الله إليه : يا شعيب ما هذا البكاء أشوقاً إلى الجنة أم خوفاً من النار ؟ فقال : لا ، ولكن اعتقدت حبك بقلبي ، فإذا نظرت إليك فما أبالي ما الذي تصنع بي ، فأوحى الله إليه : يا شعيب إن يكن ذلك حقاً فهنيأً لك لقائي يا شعيب ، لذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي » .

وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه والخطيب وابن عساكر من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { وإنا لنراك فينا ضعيفاً } قال : كان ضرير البصر .

وأخرج أبو الشيخ عن سفيان في قوله { وإنا لنراك فينا ضعيفاً } قال : كان أعمى ، وكان يقال له : خطيب الأنبياء عليهم السلام .

وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله { وإنا لنراك فينا ضعيفاً } قال : إنما أنت واحد .

وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله { ولولا رهطك لرجمناك } قال : لولا أن نتقي قومك ورهطك لرجمناك .

وأخرج سعيد بن منصور عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : لو كان للوط مثل أصحاب شعيب لجاهد بهم قومه .

وأخرج أبو الشيخ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه . أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب { وإنا لنراك فينا ضعيفاً } قال : كان مكفوفاً ، فنسبوه إلى الضعف { ولولا رهطك لرجمناك } قال علي : فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ، ما هابوا إلا العشيرة .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { واتخذتموه وراءكم ظهرياً } قال : نبذتم أمره .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { واتخذتموه وراءكم ظهرياً } قال : قضاء قضى .

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { واتخذتموه وراءكم ظهرياً } يقول : لا تخافونه .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي { واتخذتموه وراءكم ظهرياً } قال : جعلتموه خلف ظهوركم ، فلم تطيعوه ولم تخافوه .

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك { واتخذتموه وراءكم ظهرياً } قال : تهاونتم به .

وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه { واتخذتموه وراءكم ظهرياً } قال : الظهري الفضل مثل الجمال يحتاج معه إلى إبل ظهري فضل لا يحمل عليها شيئاً إلا أن يحتاج إليها ، فيقول : إنما ربكم عندكم هكذا إن احتجتم إليه ، فإن لم تحتاجوا فليس بشيء .