لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{إِنَّ عِبَادِي لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٞۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلٗا} (65)

السلطان الحجة ، فالآية تدل على العموم ، ولا حجة للعذر على أحد ، بل الحجة لله وحده .

ويقال السلطان هو التَّسَلُّط ، وليس لإبليس على أحدٍ تسلط ؛ إذ المقدور بالقدرة ولا لغيره من المخلوقين تسلط من حيث التأثير في أحد ، وعلى هذا أيضاً فالآية للعموم .

ويقال أراد بقوله : { عبادي } الخواصَ من المؤمنين الذين هم أهل الحفظ والرحمة والرعاية من قِبَلَ الله ، فإن وساوسَ الشيطان لا تضرُّهم لالتجائهم إلى الله ، ودوام استجارتهم بالله ، ولهذا فإن الشيطان إذا قَرُبَ من قلوب أهل المعرفة احترق بضياء معارفهم .

ويقال إنّ فرار الشيطان من المؤمنين أشدُّ من فرار المؤمنين من الشيطان .

والخواص من عباده هم الذين لا يكونون في أَسْرِ غيره ، وأَمَّا مَنْ استعبده هواه . واستمكنت منه الأطماع ، واستَرقته كل خسيسة ونقيصة فلا يكون من جملة خواصه . . . وفي الخبر " تَعِسَ عبد الدرهم تعس عبد الدينار " . ويقال في { عبادي } هم المُتَفَيِّئُون في ظلال عنايته ، المُتَبّرون عن حَوْلهِم وقُوَّتِهم ، المتفرِّدُون بالله بحسن التوكل عليه ودوام التعلُّق به .