محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِنَّ عِبَادِي لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٞۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلٗا} (65)

[ 65 ] { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا 65 } .

{ إن عبادي } أي المخلصين { ليس لك عليهم سلطان } أي تسلط بالإغواء { وكفى بربك وكيلا } أي كفيلا لهم يتوكلون عليه ولا يلجؤون في أمورهم إلا إليه ، وهو كافيهم .

وقد أشار القاشاني إلى أن الآية تشير إلى انقسام الناس مع الشيطان على أصناف . وعبارته : تمكن الشيطان من إغواء العباد على أقسام . لأن الاستعدادات متفاوتة . فمن كان ضعيف الاستعداد استفزه . أي استخفه بصوته ، يكفيه وسوسة وهمس بل هاجس ولمة . ومن كان قوي الاستعداد ، فإن أخلص استعداده عن شوائب الصفات النفسانية ، أو أخلصه الله تعالى عن شوائب الغيرية ، فليس له إلى إغوائه سبيل كما قال : { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان } وإلا فإن كان منغمسا في الشواغل الحسية ، غارزا رأسه في الأمور الدنيوية ، شاركه في أمواله وأولاده ، بأن يحرّضه على إشراكهم بالله في المحبة . بحبهم كحب الله . ويسوّل له التمتع بهم ، والتكاثر والتفاخر بوجودهم . ويمنيه الأمانيّ الكاذبة . ويزين عليه الآمال الفارغة . وإن لم ينغمس ، فإن كان عالما بصيرا بتسويلاته ، أجلب عليه بخيله ورجله . أي مكر به بأنواع الحيل . وكاده بصنوف الفتن . وأفتى له في تحصيل أنواع الحطام والملاذ بأنها من جملة مصالح المعاش . وغره بالعلم وحمله على الإعجاب . وأمثال ذلك حتى يصير ممن أضله الله على علم . وإن لم يكن عالما بل عابدا متنسكا ، أغواه بالوعد والتمنية . وغره بالطاعة والتزكية أيسر ما يكون . انتهى .