في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{خَٰلِدِينَ فِيهَاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٗاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (9)

وبمناسبة الحديث عن جزاء الكافرين المستكبرين المعرضين يتحدث عن جزاء المؤمنين العاملين ، الذين تحدث عنهم في صدر السورة ؛ ويفصل شيئا من أمر فلاحهم الذي أجمله هناك :

( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم ، خالدين فيها وعد الله حقا ، وهو العزيز الحكيم ) . .

وحيثما ذكر الجزاء في القرآن الكريم ذكر قبله العمل الصالح مع الإيمان . فطبيعة هذه العقيدة تقتضي ألا يظل الإيمان في القلب حقيقة مجردة راكدة معطلة مكنونة ؛ إنما هو حقيقة حية فاعلة متحركة ، ما تكاد تستقر في القلب ويتم تمامها حتى تتحرك لتحقق ذاتها في العمل والحركة والسلوك ؛ ولتترجم عن طبيعتها بالآثار البارزة في عالم الواقع ، المنبئة عما هو كائن منها في عالم الضمير .

وهؤلاء الذين آمنوا وحققوا إيمانهم بالعمل الصالح ( لهم جنات النعيم خالدين فيها ) . . لهم هذه الجنات وهذا الخلود تحقيقا لوعد الله الحق . ( وعد الله حقا )فقد بلغ من فضل الخالق على العباد أن يوجب على نفسه الإحسان إليهم جزاء إحسانهم لأنفسهم لا له سبحانه ! وهو الغني عن الجميع !

( وهو العزيز الحكيم ) . . القادر على تحقيق وعده ، الحكيم في الخلق والوعد والتحقيق .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{خَٰلِدِينَ فِيهَاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٗاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (9)

{ خَالِدِينَ فِيهَا } { خَالِدِينَ } ، منصوب على الحال من الضمير في قوله : { لَهُمْ } {[3637]} .

قوله : { وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا } { وعد } ، مصدر مؤكد لنفسه ؛ أي وعد الله وعدا ، و { حَقًّا } ، مصدر مؤكد لغيره ؛ أي حق ذلك حقا . والمعنى : أن وعد الله آت لا محالة ، ولن يخلف الله وعده .

قوله : { وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } { الْعَزِيزُ } ، أي القوي القاهر الذي لا يغلبه غالب . وهو الحكيم في أفعاله وأقواله وتدبيره شؤون الخلق{[3638]} .


[3637]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 254.
[3638]:فتح القدير ج 3 ص 511، وتفسير الطبري ج 21 ص 42.