في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِيٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرٗاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7)

ثم يمضي في استكمال صورة ذلك الفريق : ( وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها )وهو مشهد فيه حركة ترسم هيئة المستكبر المعرض المستهين . ومن ثم يعالجه بوخزة مهينة تدعو إلى تحقير هذه الهيئة : ( كأن في أذنيه وقرا )وكأن هذا الثقل في أذنيه يحجبه عن سماع آيات الله الكريمة ، وإلا فما يسمعها إنسان له سمع ثم يعرض عنها هذا الإعراض الذميم . ويتمم هذه الإشارة المحقرة بتهكم ملحوظ : ( فبشره بعذاب أليم )فما البشارة في هذا الموضوع إلا نوع من التهكم المهين ؛ يليق بالمتكبرين المستهزئين !

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِيٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرٗاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7)

قوله تعالى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } .

المراد بالمتولي المستكبر هو الذي يشتر يلهو الحديث لإضلال الناس به عن دين الله وعن صراطه القويم ؛ فهو إذا تليت عليه آيات الكتاب الحكيم وما تضمنه من معاني التذكير أو التحذير أو الترهيب { وَلَّى مُسْتَكْبِرًا } أي تولى عنها مدبرا إدبارا ، وأعرض عن سماعها مستكبرا استكبارا . أولئك هم المضلون من أهل الملاهي والمعازف والغناء المبتذل الفاجر ، فقد استغلقت قلوبهم أيما استغلاق ، واستعصت طبائعهم الكزّة على الاستجابة لكلمات الله ، أو الحنين لسماع الآيات الباهرة من آيات الذكر الحكيم . فهم بإيغالهم في اللهو الفاسد المحرم قد فسدت فيهم القلوب حتى حيل بينها وبين التأثر بكلمات القرآن ، فأدبروا منقلبين مستكبرين كأنهم لم يسمعوا شيئا . وهو قوله : { كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا }

الوقر ، بالفتح ، معناه الثقل في الأذن . وبالكسر ، الحمل{[3636]} أي كأن هذا المعرض المستكبر لم يسمع آيات الله كأن في أذنيه ثقلا وصمما فلا يستطيع السمع .

قوله : { فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي بشر هذا المعرض المستكبر الذي تولى مدبرا نافرا من سماع القرآن ، بالعذاب المهين يوم القيامة وهو عذاب النار .


[3636]:مختار الصحاح ص 732، وأساس البلاغة ص 685.