في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (3)

يقسم الله - سبحانه - بحا ميم والكتاب المبين ، على الغاية من جعل هذا القرآن في صورته هذه التي جاء بها للعرب :

( إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ) . .

فالغاية هي أن يعقلوه حين يجدونه بلغتهم وبلسانهم الذي يعرفون . والقرآن وحي الله - سبحانه وتعالى - جعله في صورته هذه اللفظية عربياً ، حين اختار العرب لحمل هذه الرسالة ، للحكمة التي أشرنا إلى طرف منها في سورة الشورى ؛ ولما يعلمه من صلاحية هذه الأمة وهذا اللسان لحمل هذه الرسالة ونقلها . والله اعلم حيث يجعل رسالته .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (3)

{ إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون } أي سميناه أو أنزلناه { قرآنا عربيا } فقد نزل القرآن بلسان العرب ، لا جرم أن لغة العرب كريمة وعذبة ومميزة ، فهي لسان أهل السماء ، ولسان أهل الجنة في الجنة . فضلا عما يتجلى في لغة العرب من حلاوة النظم والأسلوب ، وجمال الإيقاع والنغم ، وجرس الألفاظ والحروف ، وسرعة التأثير والنفاذ إلى الأذهان والقلوب . كل هاتيك الحقائق والمزايا التي تجلّي اللغة العربية ، قد خولتها أن تتصدر اللغات جميعا في مدى الصلوح للتخاطب والتبليغ والتذكير .

ولئن باتت لغة العرب في عصرنا الراهن هذا مسبوقة بكثير من اللغات الأجنبية الأخرى من حيث الشيوع والتقدم والاهتمام فمرد ذلك إلى التسلط أو الهيمنة التي جعلت لدول الظالمين في هذا الزمان ليعبأوا بلغاتهم دون غيرها فتكون لغاتهم هي السائدة والشائعة وموضع الاهتمام والإكبار خلافا للغة القرآن . اللغة الرفيقة الفضلى التي تصدى لها الظالمون من المشركين الماكرين ، والمنافقين الأتباع ، بالإزراء والغض والتناسي .

قوله : { لعلكم تعقلون } أي تتفكرون فيه وتتدبرون أحكامه ومعانيه .