( وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ، فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون . وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام ، وما كانوا خالدين ) . .
فقد اقتضت حكمة الله أن يكون الرسل من البشر ، يتلقون الوحي فيدعون به الناس . وما كان الرسل من قبل إلا رجالا ذوي أجساد . وما جعل الله لهم أجسادا ثم جعلهم لا يأكلون الطعام . فأكل الطعام من مقتضيات الجسدية ، والجسدية من مقتضيات البشرية . وهم بحكم أنهم بشر مخلوقون لم يكونوا خالدين . . هذه هي سنة الله المطردة فليسألوا أهل الكتاب الذين عرفوا الأنبياء من قبل . إن كانوا هم لا يعلمون .
{ وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً } رد على فرقة منهم كانوا يستبعدون أن يبعث الله من البشر رسولاً يشف{[8198]} على نوعه من البشر بهذا القدر من الفضل ، فمثل الله تعالى في الرد عليهم بمن سبق من الرسل من البشر ، وقرأ الجمهور «يوحى » على بناء الفعل للمفعول ، وقرأ حفص عن عاصم «نوحي » بالنون ، ثم أحالهم على سؤال { أهل الذكر } من حيث لم يكن عند قريش كتاب ولا إثارة من علم ، واختلف الناس في { أهل الذكر } من هم ، فروى عبدالله بن سلام أنه قال أنا من أهل الذكر ، وقالت فرقة هم أهل القرآن .
قال القاضي أبو محمد : وهذا موضع ينبغي أن يتأمل{[8199]} ، وذلك أن الذكر هو كل ما يأتي من تذكير الله تعالى عباده فأهل القرآن أهل ذكر ، وهذا ما أراد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وأما المحال على سؤالهم في هذه الآية فلا يصح أن يكونوا أهل القرآن في ذلك الوقت لأنهم كانوا خصومهم ، وإنما أُحيلوا على سؤال أحبار أهل الكتاب من حيث كانوا موافقين لهم على ترك الإيمان بمحمد عليه السلام فتجيء شهادتهم بأن الرسل قديماً من البشر لا مطعن فيها لازمة لكفار قريش .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.