في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا يَخَافُ عُقۡبَٰهَا} (15)

( ولا يخاف عقباها ) . . سبحانه وتعالى . . ومن ذا يخاف ? وماذا يخاف ? وأنى يخاف ? إنما يراد من هذا التعبير لازمة المفهوم منه . فالذي لا يخاف عاقبة ما يفعل ، يبلغ غاية البطش حين يبطش . وكذلك بطش الله كان : إن بطش ربك لشديد . فهو إيقاع يراد إيحاؤه وظله في النفوس . .

وهكذا ترتبط حقيقة النفس البشرية بحقائق هذا الوجود الكبيرة ، ومشاهده الثابتة ، كما ترتبط بهذه وتلك سنة الله في أخذ المكذبين والطغاة ، في حدود التقدير الحكيم الذي يجعل لكل شيء أجلا ، ولكل حادث موعدا ، ولكل أمر غاية ، ولكل قدر حكمة ، وهو رب النفس والكون والقدر جميعا . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا يَخَافُ عُقۡبَٰهَا} (15)

وقرأ نافع وابن عامر والأعرج وأهل الحجاز وأبي بن كعب : «فلا يخاف » بالفاء وكذلك في مصاحف أهل المدينة والشام ، وقرأ الباقون «ولا » بالواو وكذلك في مصاحفهم ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «ولم يخف عقباها » ، والفاعل ب { يخاف } على قراءة من قرأ بالفاء يحتمل أن يكون الله تعالى ، والمعنى فلا درك{[11852]} على الله في فعله بهم لا يسأل عما يفعل ، وهذا قول ابن عباس والحسن ، وفي هذا المعنى احتقار للقوم وتعفية لأثرهم ، ويحتمل أن يكون صالحاً عليه السلام ، أي لا يخاف عقبى هذه الفعلة بهم إذا كان قد أنذرهم وحذرهم ، ومن قرأ «ولا يخاف » بالواو فيحتمل الوجهين اللذين ذكرنا ، ويحتمل أن يكون الفاعل ب { يخاف } { أشقاها } المنبعث ، قاله الزجاج وأبو علي ، وهو قول السدي والضحاك ومقاتل ، وتكون الواو واو الحال كأنه قال انبعث لعقرها وهو لا يخاف عقبى فعله لكفره وطغيانه ، والعقبى : جزاء المسيء وخاتمته وما يجيء من الأمور بعقبه ، واختلف القراء في ألفات هذه السورة والتي بعدها ففتحها ابن كثير وعاصم وابن عامر ، وقرأ الكسائي ذلك كله بالإضجاع ، وقرأ نافع ذلك كله بين الفتح والإمالة ، وقرأ حمزة «ضحاها » مكسورة و «تليها وضحاها » مفتوحتين وكسر سائر ذلك ، واختلف عن أبي عمرو فمرة كسر الجميع ومرة كقراءة نافع ، قال الزجاج سمى الناس الإمالة كسراً وليس بكسر صحيح ، والخليل وأبو عمرو يقولان إمالة .


[11852]:الدرك والدرك –بفتح الراء وبسكونها- : التبعة، يقال: ما لحقك من درك فعلي خلاصه.