في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَفَٰكِهَةٗ وَأَبّٗا} (31)

والفاكهة من ثمار الحدائق و " الأب " أغلب الظن أنه الذي ترعاه الأنعام . وهو الذي سأل عنه عمر بن الخطاب ثم راجع نفسه فيه متلوما ! كما سبق في الحديث عن سورة النازعات ! فلا نزيد نحن شيئا !

هذه هي قصة الطعام . كلها من إبداع اليد التي ابدعت الإنسان . وليس فيها للإنسان يد يدعيها ، في أية مرحلة من مراحلها . . حتى الحبوب والبذور التي قد يلقيها هو في الأرض . . إنه لم يبدعها ، ولم يبتدعها . والمعجزة في إنشائها ابتداء من وراء تصور الإنسان وإدراكه . والتربة واحدة بين يديه ، ولكن البذور والحبوب منوعة ، وكل منها يؤتي أكله في القطع المتجاورات من الأرض . وكلها تسقى بماء واحد ، ولكن اليد المبدعة تنوع النبات وتنوع الثمار ؛ وتحفظ في البذرة الصغيرة خصائص أمها التي ولدتها فتنقلها إلى بنتها التي تلدها . . كل أولئك في خفية عن الإنسان ! لا يعلم سرها ولا يقضي أمرها ، ولا يستشار في شأن من شؤونها . .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَفَٰكِهَةٗ وَأَبّٗا} (31)

{ وفاكهةً } يريد ألوان الفواكه ، { وأباً } يعني الكلأ والمرعى الذي لم يزرعه الناس ، مما يأكله الأنعام والدواب . قال عكرمة : الفاكهة ما يأكله الناس ، والأب ما يأكله الدواب . ومثله عن قتادة قال : الفاكهة لكم والأب لأنعامكم . وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ما أنبتت الأرض مما يأكل الناس والأنعام . وروي عن إبراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن قوله : { وفاكهة وأباً } فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم . وروى ابن شهاب عن أنس أنه سمع عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية ثم قال : كل هذا قد عرفنا فما الأب ؟ ثم رفض عصاً كانت بيده وقال : هذا لعمر الله التكلف ، وما عليك يا ابن أم عمر أن لا تدري ما الأب ، ثم قال : اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب ، وما لا فدعوه .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَفَٰكِهَةٗ وَأَبّٗا} (31)

" وفاكهة " أي ما تأكله الناس من ثمار الأشجار كالتين والخوخ وغيرهما " وأبا " هو ما تأكله البهائم من العشب ، قال ابن عباس والحسن : الأب كل ما أنبتت الأرض ، مما لا يأكله الناس ، ما يأكله الآدميون هو الحصيد ، ومنه قول الشاعر في مدح النبي صلى الله عليه وسلم :

له دعوةٌ ميمونةٌ ريحُهَا الصَّبَا *** بها يُنْبِتُ الله الحَصِيدَة والأَبَّا

وقيل : إنما سمي أبا ؛ لأنه يؤب أي يُؤَمُّ وينتجع . والأب والأم : أخوان . قال :

جِذْمُنَا قيسٌ ونَجْدٌ دَارنا *** ولنا الأَبُّ بهِ والمَكْرَعُ{[15812]}

وقال الضحاك : والأب : كل شيء ينبت على وجه الأرض . وكذا قال أبو رزين : هو النبات . يدل عليه قول ابن عباس قال : الأب ما تنبت الأرض مما يأكل الناس والأنعام . وعن ابن عباس أيضا وابن أبي طلحة : الأب : الثمار الرطبة . وقال الضحاك : هو التين خاصة . وهو محكي عن ابن عباس أيضا . قال الشاعر :

فما لَهُمُ مَرْتَعٌ للسَّوَا{[15813]} *** مِ والأَبُّ عندهُم يُقْدَرُ

الكلبي : هو كل نبات سوى الفاكهة . وقيل : الفاكهة : رطب الثمار ، والأب يابسها .

وقال إبراهيم التيمي : سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن تفسير الفاكهة والأب فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم .

وقال أنس : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ هذه الآية ثم قال : كل هذا قد عرفناه ، فما الأب ؟ ثم رفع عصا كانت بيده وقال : هذا لعمر الله التكلف ، وما عليك يا ابن أم عمر ألا تدري ما الأب ؟ ثم قال : اتبعوا ما بين لكم من هذا الكتاب ، وما لا فدعوه . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( خلقتم من سبع ، ورزقتم من سبع ، فاسجدوا لله على سبع ) . وإنما أراد بقول : ( خلقتم من سبع ) يعني " من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة " [ الحج : 5 ] الآية ، والرزق من سبع ، وهو قوله تعالى : " قأنبتنا فيها حبا وعنبا " إلى قوله : " وفاكهة " ثم قال : " وأبا " وهو يدل على أنه ليس برزق لابن آدم ، وأنه مما تختص به البهائم . والله أعلم .


[15812]:الجذم (بكسر الجيم): الأصل. والمكرع: مفعل من الكرع، أراد به الماء الصالح للشرب.
[15813]:السوام والسائمة: المال الراعي من الإبل والغنم وغيرهما.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَفَٰكِهَةٗ وَأَبّٗا} (31)

{ وأبا } الأب المرعى عند ابن عباس والجمهور ، وقيل : التبن وقد توقف في تفسيره أبو بكر وعمر رضي الله عنهما .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَفَٰكِهَةٗ وَأَبّٗا} (31)

ولما ذكر ما يتفكه ويدخر جمع فقال : { وفاكهة } أي ثمرة رطبة يتفكه بها كالخوخ والعنب والتين والتفاح والكمثرى {[71750]}والبرقوق{[71751]} مما يمكن أن يصلح فيدخر ومما لا يمكن . ولما ذكر فاكهة الناس ، ذكر فاكهة بقية الحيوان فقال : { وأبّاً * } أي ومرعىً ونباتاً وعشباً وكلأ ما دام رطباً يقصد ، من أب الشيء - إذا أمه .


[71750]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[71751]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.