قوله : { وَفَاكِهَةً وَأَبّاً } . الفاكهةُ : ما يأكله الناس من ثمار الأشجار ، كالتين ، والخوخ ، وغيرهما .
قال ابن الخطيب{[59391]} : وقد استدلَّ بعضهم بأنَّ الله - تعالى - لمَّا ذكره الفاكهة بعد ذكر العنبِ ، والزيتونِ ، والنخل ، وجب ألا يدخل هذه الأشياء في الفاكهة ، وهذا أقربُ{[59392]} من جهة الظاهر ؛ لأن المعطوف مغاير للمعطوف عليه .
وأمَّا الأبُّ : فقيل : الأبُّ للبهائم بمنزلة الفاكهة للنَّاس .
قال الشاعر يمدحُ النبي صلى الله عليه وسلم : [ الطويل ]
5112- لَهُ دَعْوةٌ مَيْمُونةٌ رِيحُهَا الصَّبا *** بِهَا يُنْبِتُ اللهُ الحَصِيدةَ والأبَّا{[59393]}
وقيل : سمي المرعى أبًّا ؛ لأنه يؤبُّ ، أي : يؤم وينتجع ، والأبُّ والأمُّ بمعنى ؛ قال الشاعر : [ الرمل ]
5113- جِذمُنَا قَيْسٌ ونَجْدٌ دَارُنَا *** ولنَا الأبُّ بِهِ والمُكْرَعُ{[59394]}
وأبُّ لكذَا يَؤبُّ ابًّا ، وأبَّ إلى وطنه ، إذا نَزعَ الشيء نزوعاً : تهيَّأ لقصدهِ ، وهكذا أب بسيفه : أي : تهيَّأ لسله ، وقولهم : «إبان ذلك » هو فعلان منه ، وهو الشيء المتهيِّئ لفعله ومجيئه ، وقيل : الأبّ : يابس الفاكهة لأنها تؤب للشتاء ، أي تعد .
وقيل : الأبُّ ما تأكله البهائمُ من العُشْبِ .
قال ابنُ عباسٍ والحسن : الأبُّ ، كل ما أنبتت الأرض مما لا يأكله الناس ، وما يأكله الآدميون ، هو : «الحصيد »{[59395]} .
وعن ابن عباس وابن أبي طلحة : الأبُّ ، الثِّمارُ الرَّطبةُ{[59396]} .
وقال الضحاك : هو التِّينُ خاصَّةً{[59397]} . وهو محكي عن ابن عباس أيضاً . وقيل : الأب الفاكهة رطب الثمار ويابسها .
وقال إبراهيم التيمي : سُئل أبُو بكر الصديقُ - رضي الله عنه - عن تفسير الفاكهة والأبِّ ، فقال : أيُّ سماءٍ تظلني وأي أرض تقلّني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم{[59398]} .
وقال أنس : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ هذه الآية ، ثم قال : كل هذا عرفناه فما الأبُّ ؟ ثم رفع عصا كانت بيده ، ثم قال : هذا لعمر الله التكليف ، وما عليك يا ابن أم عمر ألا تدري ما الأبُّ ؟ .
ثم قال : اتَّبعوا ما بين لكم في هذا الكتاب ، وما لا فدعوه{[59399]} .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «خُلِقْتُمْ مِنْ سَبْعٍ ، ورُزقتُمْ مِنْ سَبعٍ فاسجُدُوا للهِ على سَبْعٍ »{[59400]} .
وإنما أراد بقوله عليه الصلاة والسلام : «خُلِقْتُمْ مِنَ سَبْعٍ » يعني : { مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ } [ الحج : 5 ] الآية .
والرزق من سبع ، وهو قوله تعالى : { فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً } إلى قوله { وفاكهة } ثم قال : { وأبًّا } وهو يدل على أنه ليس برزق لابن آدم ، وأنَّه مما تختص به البهائم ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.