في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَوۡمَ تُوَلُّونَ مُدۡبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

21

وتتفق كذلك مع قول الرجل المؤمن : ( يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ) . . وقد يكون ذلك فرارهم عند هول جهنم ، أو محاولتهم الفرار . ولا عاصم يومئذ ولات حين فرار . وصورة الفزع والفرار هي أولى الصور هنا للمستكبرين المتجبرين في الأرض ، أصحاب الجاه والسلطان !

( ومن يضلل الله فما له من هاد ) . . ولعل فيها إشارة خفية إلى قولة فرعون : ( وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) . . وتلميحاً بأن الهدى هدى الله . وأن من أضله الله فلا هادي له . والله يعلم من حال الناس وحقيقتهم من يستحق الهدى ومن يستحق الضلال .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ تُوَلُّونَ مُدۡبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

{ يوم تولون } عن الموقف . { مدبرين } منصرفين عنه إلى النار . وقيل فارين عنها . { ما لكم من الله من عاصم } يعصمكم من عذابه . { ومن يضلل الله فما له من هاد } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَوۡمَ تُوَلُّونَ مُدۡبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

وقوله تعالى : { يوم تولون مدبرين } معناه : على بعض الأقاويل في التنادي تفرون هروباً من المفزع وعلى بعضها تفرون مدبرين إلى النار . والعاصم : المنجي .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَ تُوَلُّونَ مُدۡبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

و{ يَوْمَ تُوَلُّونَ } بدل من { يَوْمَ التَّنَادِ } ، والتولي : الرجوع ، والإِدبارُ : أن يرجع من الطريق التي وراءه ، أي من حيث أتى هَرباً من الجهة التي ورد إليها لأنه وجد فيها ما يكره ، أي يوم تفرّون من هول ما تجدونه . و { مدبرين } حال مؤكدة لعاملها وهو { تولون } .

وجملة { مَا لَكُم مِنَ الله مِن عَاصِمٍ } في موضع الحال . والمعنى : حالةَ لا ينفعكم التولِّي .

والعاصم : المانع والحافظ . و { مِنَ الله } متعلق ب { عاصم ، } و { من } المتعلقة به للابتداء ، تقول : عصمه من الظالم ، أي جعله في منَعَة مبتدأة من الظالم . وضَمن فعل ( عَصم ) معنى : أنقذَ وانتزعَ ، ومعنى : { مِنَ الله } من عذابه وعقابه لأن المنع إنما تتعلق به المعاني لا الذوات . و { من } الداخلة على { عاصم } مزيدة لتأكيد النفي .

وَأغنى الكلام على تعدية فعل : { أَخَافُ عَلَيكم مِثلَ يَومِ الأحْزَابِ } [ غافر : 30 ] عن إعادته هنا .

وجملة { وَمَن يُضْلِل الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } عطف على جملة { إنِّي أخَافُ عَلَيْكُم يَوْمَ التَّنَادِ } لتضمنها معنى : إني أرشدتكم إلى الحذر من يوم التنادي .

وفي الكلام إيجاز بحذف جُمل تدل عليها الجملة المعطوفة . والتقدير : هذا إرشاد لكم فإن هداكم الله عملتم به وإن أعرضتم عنه فذلك لأن الله أضلكم ومن يضلل الله فما له من هاد ، وفي هذه الجملة معنى التذييل .

ومعنى إسناد الإِضلال والإِغواء ونحوهما إلى الله أن يكون قد خلق نفس الشخص وعقله خلقاً غير قابل لمعاني الحق والصواب ، ولا ينفعل لدلائل الاعتقاد الصحيح .

وأراد من هذه الصلة العموم الشامل لكل من حرمه الله التوفيق ، وفيه تعريض بتوقعه أن يكون فرعون وقومه من جملة هذا العموم ، وآثر لهم هذا دون أن يقول : { ومن يهد الله فما له من مضل } [ الزمر : 37 ] لأنه أحسّ منهم الإِعراض ولم يتوسم فيهم مخائل الانتفاع بنصحه وموعظته .