( حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا . كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا ) .
وما قيل عن مغرب الشمس يقال عن مطلعها . فالمقصود هو مطلعها من الأفق الشرقي في عين الرائي . والقرآن لم يحدد المكان . ولكنه وصف طبيعته وحال القوم الذي وجدهم ذو القرنين هناك : ( حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا ) . . أي إنها أرض مكشوفة ، لا تحجبها عن الشمس مرتفعات ولا أشجار . فالشمس تطلع على القوم فيها حين تطلع بلا ساتر . . وهذا الوصف ينطبق على الصحارى والسهول الواسعة . فهو لا يحدد مكانا بعينه . وكل ما نرجحه أن هذا المكان كان في أقصى الشرق حيث يجد الرائي أن الشمس تطلع على هذه الأرض المستوية المكشوفة ، وقد يكون ذلك على شاطيء إفريقية الشرقي . وهناك احتمال لأن يكون المقصود بقوله : ( لم نجعل لهم من دونها سترا )أنهم قوم عراة الأجسام لم يجعل لهم سترا من الشمس . .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 89]
يقول تعالى ذكره: ثم سار وسلك ذو القرنين طرقا ومنازل... عن قتادة "ثُمّ أتْبَعَ سَبَبا": منازل الأرض ومعالمها.
"حتى إذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ على قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونها سِتْرا": يقول تعالى ذكره: ووجد ذو القرنين الشمس تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا، وذلك أن أرضهم لا جبل فيها ولا شجر، ولا تحتمل بناء، فيسكنوا البيوت...
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
{وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لمْ نَجْعَل لهُم من دُونِهَا سِتْراً} يعني مِن دون الشمس ما يَستُرهم منها من... لِباسٍ...
اِعلم أنه تعالى لَمّا بَيَّنَ أولاً أنه قَصَد أقربَ الأماكنِ المسكونةِ مِن مَغرِب الشمسِ أَتْبَعَه بِبَيان أنه قَصَدَ أقربَ الأماكنِ المسكونةِ مِن مَطْلِعِ الشمس فبَيَّنَ اللهُ تعالى أنه "وَجَد الشمسَ تَطْلُع على قومٍ لم نَجْعَلْ لهم مِن دُونِها سِتْراً"... ويقال في كتب الهَيْئَة إنّ حالَ أكثَرِ الزّنج كذلك وحالَ كلِّ مَن يَسكُن البلادَ القريبةَ مِن خَطِّ الِاستواء كذلك...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{حتى إذا بلغ} في مسيره ذلك {مطلع الشمس} أي الموضع الذي تطلع عليه أولاً من المعمور من الأرض {وجدها تطلع على قوم} على ساحل البحر لهم قوة شديدة {لم نجعل لهم} ولما كان المراد التعميم، أثبت الجار فقال: {من دونها} أي من أدنى الأماكن إليهم أول ما تطلع {ستراً} يحول بينهم وبين المحل الذي يرى طلوعها منه من البحر من جبل ولا أبنية ولا شجر ولا غيرها...
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
{وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْراً}... إمّا لِعدم استعدادِهم في المَساكن، وذلك لِزيادة هَمَجِيَّتِهم وتَوَحُّشِهم، وعدمِ تَمَدُّنِهم، وإمّا لِكون الشمس دائمةً عندهم، لا تَغرُب عنهم غُروباً يُذْكَر، كما يوجَد ذلك في شرقي أفريقيا الجنوبي، فوَصل إلى موضعٍ انقَطع عنه عِلمُ أهلِ الأرض، فضْلاً عن وصولهم إليه إياه بأبدانهم، ومع هذا، فكلُّ هذا بتقديرِ الله له، وعِلمِه به ولهذا قال {كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبَراً}...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وما قيل عن مغرب الشمس يقال عن مطلعها. فالمقصود هو مطلعها من الأفق الشرقي في عين الرائي. والقرآن لم يحدد المكان. ولكنه وصف طبيعته وحال القوم الذي وجدهم ذو القرنين هناك: (حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا).. أي إنها أرض مكشوفة، لا تحجبها عن الشمس مرتفعات ولا أشجار. فالشمس تطلع على القوم فيها حين تطلع بلا ساتر.. وهذا الوصف ينطبق على الصحارى والسهول الواسعة. فهو لا يحدد مكانا بعينه...
وهناك احتمال لأن يكون المقصود بقوله: (لم نجعل لهم من دونها سترا) أنهم قوم عراة الأجسام لم يجعل لهم سترا من الشمس...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
... وفي هذه الحالة عِبْرَةٌ مِن اختلاف الأمم في الطّبائع والعَوائدِ وسِيرتِهم على نحوِ مَناخِهم...
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
{حتى إذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشمسِ...}... ومَطلِع الشمسِ مكانٌ نِسبِيٌّ، فهو ربما يكون موضعَ طلوعٍ بالنسبة لِمَن يكونون في غرْبها، ثم هذا المطلع يكون موضعَ غروبٍ لِمَن وراءه من المطالع، والنسبية هنا بين المغرب والمطلع بالنسبة للوسط بينهما فقد اتجه ذو القرنين إلى المغرب بالنسبة له، ثم بعد أن أقام العدل بين الناس كشأن الحاكم العادل تَأدّاه إلى المطلِع بالنسبة له فأَتْبَعَ سَبباً، واتَّجه إلى المطلِع، حتى إذا بَلَغَه،...
{وَجَدَها تَطْلُعُ على قومٍ لم نَجعَل لهم مِن دونِها سِتْراً}... وظاهرُ القولِ... أنهم بِدائيّون ليسوا متحضِّرين وليست لهم أيُّ حضارةٍ إنسانيّةٍ، بل هم على البَداوة الأولى، وإن كان لهم بعضُ القوّةِ أو المصادرِ المالية... {لم نَجَعَلْ لهم مِن دونِها سِتْراً}، أي ساتِراً يَسْتُرُهم مِن حَرٍّ لافِحٍ أو بَرْدٍ قارسٍ...
{وَجَدها تَطلُع على قومٍ لم نَجْعَلْ لهم مِن دونِها سِتْراً}: السِّتْرُ: هو الحاجز بين شيئين، وهو إمّا لِيَقِيَني الحَرَّ أو لِيَقِيَني البَرْدَ... وهؤلاء قومٌ نسميهم "ضاحون "أي: ليس لهم ما يَأويهم مِن حَرّ الصيف أو بَرْدِ الشتاء،... ومِثلُ هؤلاء يعطيهم اللهُ تعالى في جلودهم ما يُعَوِّضُهم عن هذه الأشياء التي يَفتقِدونها، فتَرى في جلودهم ما يَمنحُهم الدِّفءَ في الشتاء والبرودةَ في الصيف...
ونلاحِظ هنا أن القرآن لم يَذكُر لنا عن هؤلاء القوم شيئاً وماذا فَعَل ذو القرنين معهم، وإنْ قِسْنا الأمرَ على القوم السابقين الذين قابَلَهم عند مغرب الشمس نقول: رُبّما حَضَّرهم ووَفَّر لهم أسبابَ الرُّقِيّ...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
وهنا رأى أنّها:"وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم مِن دونها ستراً". وفي اللفظ كناية عن أنَّ حياة هؤلاء الناس بدائية جدّاً، ولا يملكون سوى القليل مِن الملابس التي لا تكفي لتغطية أبدانهم مِن الشمس. أمّا بعض المفسّرين فلم يستبعدوا افتقار هؤلاء الناس إلى المساكن التي تحميهم مِن الشمس. وهناك احتمال آخر يطرحه البعض، ويرى أن يكون هؤلاء القوم في أرض صحراوية تفتقر للجبال والأشجار والملاجئ، وأن ليسَ في تلك الصحراء ما يمكِّن هؤلاء القوم مِن حماية أنفسهم مِن الشمس مِن غطاء أو غير ذلك. بالطبع ليسَ هناك تعارض بين التفاسير هذه...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.