في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (27)

وجلال الوجه الكريم الباقي يظلل النفوس والجوارح ، والزمان والمكان ، ويغمر الوجود كله بالجلال والوقار . .

ولا يملك التعبير البشري أن يصور الموقف ؛ ولا يملك أن يزيد شيئا على النص القرآني ، الذي يسكب في الجوانح السكون الخاشع ، والجلال الغامر ، والصمت الرهيب ، والذي يرسم مشهد الفناء الخاوي ، وسكون الموت المخيم بلا حركة ، ولا نأمة في هذا الكون الذي كان حافلا بالحركة والحياة . ويرسم في الوقت ذاته حقيقة البقاء الدائم ، ويطبعها في الحس البشري الذي لا يعرف في تجاربه صورة للبقاء الدائم ؛ ولكنه يدركها بعمق في ذلك النص القرآني العجيب !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (27)

ويبقى وجه ربك ذاته ولو استقريت جهات الموجودات وتفحصت وجوهها وجدتها بأسرها فانية في حد ذاتها إلا وجه ذاتها إلا وجه الله أي الوجه الذي يلي جهته ذو الجلال والإكرام ذو الاستغناء المطلق والفضل العام .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (27)

26

" والوجه " : صفة لله- سبحانه- لم يدلّ عليه العقل قطعاً ودلَّ عليه جَوازاً ، وورد الخبر بكونه قطعاً .

ويقال : في بقاءِ الوجه بقاءُ الذات ، لأن الصفة لا تقوم بنفسها ، ولا محالة شَرطها قيامها بنفسه وذاته . وفائدة تخصيص الوجه بالذكر أن ما عداه يُعْرَفُ بالعقل ، والوجه لا يُعْلَمُ بالعقل ، وإنما يُعْرَفُ بالنقل والأخبار . و " يبقى " : وفي بقائه . سبحانه خَلَفٌ عن كلِّ تلفٍ ، وتسليةٌ للمسلمين عمَّ يصيبهم من المصائب ، ويفوتهم من المواهب .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (27)

/خ26

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (27)

{ ذو الجلال } ذو العظمة والاستغناء المطلق . { والإكرام } الفضل التام بالتجاوز والإحسان

والإنعام . يقال : جل الشيء يجل ، أي عظم . وأجللته : أعظمته .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (27)

ولا يبقى سوى الله ، فَهو ذو الجلال وحده . ولا يقال ذو الجلال إلا في النسبة إلى الله . ثم قال والإكرام لأن الله تعالى كريمٌ يكرم الإنسان وينظر إليه بعين العطف والعناية ، و الكريم لا يُخاف بل يُحَبُّ ويطاع .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (27)

{ ويبقى وَجْهُ رَبّكَ } أي ذاته عز وجل ، والمراد هو سبحانه وتعالى ، فالإضافة بيانية وحقيقة الوجه في الشاهد الجارحة واستعماله في الذات مجاز مرسل كاستعمال الأيدي في الأنفس ، وهو مجاز شائع ، وقيل : أصله الجهة واستعماله في الذات من باب الكناية وتفسيره بالذات هنا مبني على مذهب الخلف القائلين بالتأويل ، وتعيين المراد في مثل ذلك دون مذهب السلف ، وقد قررناه لك غير مرة فتذكره وعض عليه بالنواجذ .

والظاهر أن الخطاب في ربك للرسول صلى الله عليه وسلم وفيه تشريف عظيم له عليه الصلاة والسلام ، وقيل : هو للصالح له لعظم الأمر وفخامته ، وفي الآية عند المؤولين كلام كثير منه ما سمعت ، ومنه ما قيل : الوجه بمعنى القصد ويراد به المقصود ، أي ويبقى ما يقصد به ربك عز وجل من الأعمال ، وحمل كلام من فسره بالعمل الصالح على ذلك وفيه ما فيه ، وأقرب منه ما قيل : وجهه تعالى الجهة التي أمرنا عز وجل بالتوجه إليها والتقرب بها إليه سبحانه ، ومرجع ذلك العمل الصالح أيضاً والله جل شأنه يبقيه للعبد إلى أن يجازيه عليه ولذا وصف بالبقاء ؛ أو لأنه بالقبول صار غير قابل للفناء لما أن الجزاء عليه قام مقامه وهو باق ، ولا يخفى أن كلا القولين غير مناسب للتعليم في { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فان } [ الرحمن : 26 ] وقيل : وجهه سبحانه الجهة التي يليها الحق أي يتولاها بفضله ويفيضها على الشيء من عنده أي إن ذلك باق دون الشيء في حدّ ذاته فإنه فان في كل وقت ، وقيل : المراد بوجهه سبحانه وجهه الممكن وهي جهة حيثية ارتباطه وانتسابه إليه تعاطى ، والإضافة لأدنى ملابسة فالممكن في حدّ ذاته أي إذا اعتبر مستقلاً غير مرتبط بعلته أعني الوجود الحق كان معدوماً لأن ظهوره إنما نشأ من العلة ولولاها لم يك شيئاً مذكوراً ، وقول العلامة البيضاوي : لو استقريت جهات الموجودات وتفحصت وجوهها وجدتها بأسرها فانية في حد ذاتها إلا وجه الله تعالى أي الوجه الذي يلي جهته سبحانه محمول على ذلك عند بعض المحققين وإن كان قد فسر الوجه قبل بالذات ، وللعلماء في تقرير كلامه اختلاف ، فمنهم من يجعل قوله : لو استقريت الخ تتمة لتفسيره الأول ، ومنهم من يجعله وجهاً آخر ، وهو على الأول أخذ بالحاصل ، وعلى الثاني قيل : يحتمل التطبيق على كل من مذاهب في الممكنات الموجودة ، وذلك أنها إما موجودة حقيقة بمعنى أنها متصفة بالوجود اتصافاً حقيقياً بأن يكون الوجود زائداً عليها قائماً بها ، وهو مذهب جمهور الحكماء . والمتكلمين ، وإما موجودة مجازاً وليس لها اتصاف حقيقي بالوجود بأن يكون الوجود قائماً بها بل إطلاق الموجود عليها كإطلاق الشمس على الماء ، وإليه ذهب المتألهون من الحكماء .

والمحققون من الصوفية إلا أن ذوق المتألهين أن علاقة المجاز أن لها نسبة مخصوصة إلى حضرة الوجود الواجبي على وجوه مختلفة وأنحاء شتى ، والطرق إلى الله تعالى بعدد أنفاس الخلائق ، فالوجود عندهم جزئي حقيقي قائم بذاته لا يتصور عروضه لشيء ولا قيامه به ومعنى كون الممكن موجوداً أنه مظهر له ومجلى ينجلي فيه نوره فالله نور السموات والأرض والممكنات بمنزلة المرايا المختلفة التي تنعكس إليها أشعة الشمس وينصبغ كل منها بصبغ يناسبه ، ومذاق المحققين من الصوفية أن علاقة المجاز أنها بمنزلة صفات قائمة بذات الواجب سبحانه إذ ليس في الوجود على مذاقهم ذوات متعددة بعضها واجب وبعضها ممكن بل ذات واحدة لها صفات متكثرة وشؤونات متعددة وتجليات متجددة { قُلِ الله ثُمَّ ذَرْهُمْ } [ الأنعام : 91 ] والمشهور أنه لا فرق بين المذاقين .

ووجه التطبيق على الأول أن يقال : المراد من الوجه الذي يلي جهته تعالى هو الوجوه بالغير إذ الممكن وإن كان موجوداً حقيقة عند الجمهور لكن وجوده مستفاد من الواجب بالذات ، وجهة الاستفادة ليست هي الذات ولا شيئاً آخر من الجهات والوجوه كالإمكان . والمعلولية . والجوهرية . والعرضية . والبساطة . والتركيب وسائر الأمور العامة لأن كلاً منها جهته الخسة ، ومقتضى الفطرة الإمكانية البعيدة بمراحل عن لوجوب الذاتي المنافية له ، وإنما جهة الشرف القريبة المناسبة للوجوب الذاتي جهة الوجوب بالغير فهو وجه يلي جهة الواجب ويناسبه في كونه وجوباً وإن كان بالغير ، ولذا يعقبه فيضان الوجود ، ولذا تسمعهم يقولون : الممكن ما لم يجب لم يوجد .

ووجه التطبيق على الثاني أن يقال : الوجه الذي يلي جهته تعالى هو تلك النسبة المخصوصة المصححة لإطلاق لفظ الموجود عليها ولو مجازاً ، فالمعنى { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } معدوم لا يصح أن يطلق لفظ الموجود عليه ولو مجازاً إلا باعتبار الوجه الذي يلي جهته تعالى أي النسبة المخصوصة إلى حضرته تعالى وهي كونه مظهراً له سبحانه ، ووجه التطبيق على الثالث أن يقال : المراد بالوجه الذي يلي جهته تعالى كونها شؤونات واعتبارات له تعالى . فالمعنى { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا } معدوم من جميع الوجوه والاعتبارات إلا من الوجه الذي يلي جهته سبحانه والاعتبار الذي يحصل مقيساً إليه عز وجل ، وهو كونه شأناً من شؤونه واعتباراً من اعتباراته جل شأنه فتأمل مستعيناً بالله عز وجل .

{ ذُو الجلال والإكرام } أي يجله الموحدون عن التشبيه بخلقه ويثبتون له ما يليق بشأنه تعالى شأنه فهذا راجع إلى ماله سحبانه من التعظيم في قلوب من عرفه عز وجل أو الذي يقال في شأنه : ما أجلك وما أكرمك أي هو سبحانه من يستحق أن يقال في شأنه ذلك قيل أو لم يقل فهو راجع إلى ما له تعالى من الكمال في نفسه باعتبار قصور الإدراك عن شأوه ، أو من عنده الجلال والإكرام للموحدين فهو راجع إلى الفعل أي يجل الموحدين ويكرمهم ، وفسر بعض المحققين { الجلال } بالاستغناء المطلق { والإكرام } بالفضل التام وهذا ظاهر ، ووجه الأول بأن الجلال العظمة وهي تقتضي ترفعه تعالى عن الموجودات ويستلزم أنه سبحانه غني عنها ، ثم ألحق بالحقيقة ، ولذا قال الجوهري : عظمة الشيء الاستغناء عن غيره وكل محتاج حقير ، وقال الكرماني : إنه تعالى له صفات عدمية مثل

{ لاَ شَرِيكَ لَهُ } [ الأنعام : 163 ] وتسمى صفات الجلال لما أنها تؤدي بجَلّ عن كذا جل عن كذا وصفات وجودية كالحياة . والعلم وتسمى صفات الإكرام ، وفيه تأمل .

والظاهر أن { ذُو } صفة للوجه ، ويتضمن الوصف بما ذكر على ما ذكره البعض الإشارة إلى أن فناء { مَنْ عَلَيْهَا } لا يخل بشأنه عز وجل لأنه الغني المطلق ، والإشارة إلى أنه تعالى بعد فنائهم يفيض على الثقلين من آثار كرمه ما يفيض وذلك يوم القيامة ، ووصف الوجه بما وصف يبعد كونه عبارة عن العمل الصالح أو الجهة على ما سمعت آنفاً وكأن من يقول بذلك يقول : { ذُو } خبر مبتدأ محذوف هو ضمير راجع إلى الرب وهو في الأصل صفة له ، ثم قطعت عن التبعية ، ويؤَده قراءة أبيّ . وعبد الله ذي الجلال بالياء على أنه صفة تابعة للرب ، وذكر الراغب أن هذا الوصف قد خص به عز وجل ولم يستعمل في غيره ، فهو من أجلّ أوصافه سبحانه ، ويشهد له ما رواه الترمذي عن أنس . والإمام أحمد عن ربيعة بن عامر مرفوعاً «ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام » أي الزموه وأثبتوا عليه وأكثروا من قوله والتلفظ به في دعائكم ، وروى الترمذي . وأبو داود . والنسائي عن أنس «أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل يصلي ثم دعا فقال : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض ذو الجلال والإكرام يا حي يا قيوم ، فقال صلى الله عليه وسلم : لأصحابه أتدرون بما دعا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه الأعظم إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى » .

هذا ومن باب الإشارة : { ويبقى وَجْهُ رَبّكَ } الجهة التي تليه سبحانه وهي شؤوناته عز وجل { ذُو الجلال } أي الاستغناء التام عن جميع المظاهر { والإكرام } [ الرحمن : 27 ] الفيض العام يفيض على القوابل حسبما استعدت له وسألته بلسان حالها ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : { يَسْأَلُهُ مَن فِى السموات والارض } الخ

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (27)

شرح الكلمات :

{ ويبقى وجه ربك } : أي ذاته ووجه سبحانه وتعالى .

{ ذو الجلال والإِكرام } : أي العظمة والإِنعام على عباده عامة والمؤمنين بخاصة .

/د26

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (27)

ويبقى الحي الذي لا يموت { ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } أي : ذو العظمة والكبرياء والمجد ، الذي يعظم ويبجل ويجل لأجله ، والإكرام الذي هو سعة الفضل والجود ، والداعي لأن يكرم أولياءه وخواص خلقه بأنواع الإكرام ، الذي يكرمه أولياؤه ويجلونه ، [ ويعظمونه ] ويحبونه ، وينيبون إليه ويعبدونه ،

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (27)

{ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام }

{ ويبقى وجه ربك } ذاته { ذو الجلال } العظمة { والإكرام } للمؤمنين بأنعمه عليهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (27)

قوله تعالى : { ويبقى وجه ربك ذو الجلال } ذو العظمة والكبرياء ، { والإكرام } يعني مكرم أنبيائه وأوليائه بلطفه مع جلاله وعظمته .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (27)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: كلّ من على ظهر الأرض من جنّ وإنس فإنه هالك، ويبقى وجه ربك يا محمد" ذو الجلال والإكرام"، وذو الجلال والإكرام من نعت الوجه فلذلك رفع "ذو"...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " معناه ويبقى ربك الظاهر بأدلته كظهور الإنسان بوجهه، فالوجه يذكر على وجهين: أحدهما -بعض الشيء كوجه الإنسان. الثاني- بمعنى الشيء المعظم في الذكر كقولهم: هذا وجه الرأي، وهذا وجه التدبير أي هو التدبير، وهو الرأي. والإكرام: الإعظام بالإحسان، فالله تعالى يستحق الإعظام بالإحسان الذي هو في أعلى مراتب الإحسان. ومعنى ذو الجلال ذو العظمة بالإحسان...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

الذي يجله الموحدون عن التشبيه بخلقه وعن أفعالهم. أو الذي يقال له: ما أجلك وأكرمك. أو من عنده الجلال والإكرام للمخلصين من عباده، وهذه الصفة من عظيم صفات الله؛ فإن قلت: ما النعمة في ذلك؟ قلت: أعظم النعمة وهي مجيء وقت الجزاء عقيب ذلك.

زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 597 هـ :

{ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ}...

والمعنى أن الله تعالى مستحق أن يُجل ويُكرم، ولا يجحد ولا يكفر به؛ وقد يحتمل أن يكون المعنى: أنه يكرم أهل ولايته ويرفع درجاتهم؛ وقد يحتمل أن يكون أحد الأمرين وهو الجلال مضافا إلى الله تعالى بمعنى الصفة له، والآخر مضافا إلى العبد بمعنى الفعل منه، كقوله تعالى: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56] فانصرف أحد الأمرين إلى الله وهو المغفرة، والآخر إلى العباد وهو التقوى.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

...

...

...

...

...

...

...

.

المسألة الثانية: فما السبب في حسن إطلاق لفظ الوجه على الذات؟

نقول: إنه مأخوذ من عرف الناس، فإن الوجه يستعمل في العرف لحقيقة الإنسان، ألا ترى أن الإنسان إذا رأى وجه غيره يقول: رأيته، وإذا رأى غير الوجه من اليد والرجل مثلا لا يقول: رأيته...

ولفظ الله يدل على العبادة، لأن الله هو المعبود، والمذكور في هذا الموضع النعم التي بها تربية الإنسان فقال: {وجه ربك}...

...

...

...

...

...

....

المسألة الخامسة: الخطاب بقوله: {ربك} مع من؟ نقول: الظاهر أنه مع كل أحد كأنه يقول: ويبقى وجه ربك أيها السامع، ويحتمل أن يكون الخطاب مع محمد صلى الله عليه وسلم.

فإن قيل: فيكف قال: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} خطابا مع الاثنين، وقال: {وجه ربك} خطابا مع الواحد؟

نقول: عند قوله: {ويبقى وجه ربك} وقعت الإشارة إلى فناء كل أحد، وبقاء الله فقال وجه ربك أي يا أيها السامع فلا تلتفت إلى أحد غير الله تعالى، فإن كل من عداه فان...

فإن قلت: لو قال ويبقى وجه الرب من غير خطاب كان أدل على فناء الكل؟

نقول: كأن الخطاب في الرب إشارة إلى اللطف والإبقاء إشارة إلى القهر، والموضع موضع بيان اللطف وتعديد النعم، فلو قال: بلفظ الرب لم يدل عليه الخطاب، المسألة السادسة: {الجلال}... والتحقيق فيه أن الجلال هو بمعنى العظمة غير أن العظمة أصلها في القوة، والجلال في الفعل، فهو عظيم لا يسعه عقل ضعيف فجل أن يسعه كل فرض معقول: {والإكرام} إشارة إلى كل صفة هي من باب الإثبات...

و (الجلال والإكرام) وصفان مرتبان على أمرين سابقين، فالجلال مرتب على فناء الغير والإكرام على بقائه تعالى، فيبقى الفرد وقد عز أن يحد أمره بفناء من عداه وما عداه، ويبقى وهو مكرم قادر عالم فيوجد بعد فنائهم من يريد،...

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{ذُو الجلال والإكرام} أي ذُو الاستغناءِ المطبقِ والفضلِ التامِ.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وضمير المخاطب في قوله: {وجه ربك} خطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم وفيه تعظيم لقدر النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم غير مرة. والمقصود تبليغه إلى الذين يتلى عليهم القرآن ليذكَّروا ويعتبروا.ويجوز أن يكون خطاباً لغير معينّ ليعمّ كل مخاطب. و {الإكرام}، أي المنعم على عباده وإلا فإن الوجه الحقيقي لا يضاف للإِكرام في عرف اللغة، وإنما يضاف للإِكرام اليد، أي فهو لا يفقد عبيده جلاله وإكرامه، وقد دخل في الجلال جميع الصفات الراجعة إلى التنزيه عن النقص وفي الإِكرام جميع صفات الكمال الوجودية وصفات الجمال كالإِحسان. وتفريع {فبأي آلاء ربكما تكذبان} إنما هو تفريع على جملة {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} كما علمت من أنه يتضمن معاملة خلقه معاملة العظيم الذي لا تصدر عنه السفاسف، الكريم الذي لا يقطع إنعامه، وذلك من الآلاء العظيمة.