إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (27)

{ ويبقى وَجْهُ رَبّكَ } أي ذاتُه عزَّ وجلَّ { ذُو الجلال والإكرام } أي ذُو الاستغناءِ المطبقِ والفضلِ التامِ وقيلَ : الذي عندَهُ الجلالُ والإكرامُ للمخلصينَ من عبادِه وهذهِ من عظائمِ صفاتِه تعالى ، ولقدْ قالَ صلى الله عليه وسلم : «ألظُّوا بياذَا الجلالِ والإكرامِ »{[761]} وعنْهُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : «أنَّه مرَّ برجلٍ وهُو يُصلِّي ويقولُ يا ذا الجلالِ والإكرامِ ، فقالَ قد استُجيبَ لكَ » . وقُرِئ ذِي الجلالِ والإكرام على أنه صفةُ ربِّك ، وأياً ما كانَ ففي وصفهِ تعالَى بذلكَ بعدَ ذكرِ فناءِ الخلقِ وبقائِه تعالى يفيضُ عليهم بعد فنائِهم أيضاً آثارَ لطفِه وكرمِه حسبَما ينبئُ عنه قولُه تعالَى : { فَبِأَيّ آلاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } فإنَّ أحياءَهُم بالحياةِ الأبديةِ وإثابتَهم بالنعيمِ المقيمِ أجلُّ النعماءِ وأعظمُ الآلاءِ .

.


[761]:أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات باب (91) وأحمد في المسند (3/177).