السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ} (27)

{ ويبقى } أي : بعد فناء الكل بقاء مستمرّا إلى ما لا نهاية له { وجه ربك } أي : ذاته فالوجه عبارة عن وجود ذاته . قال ابن عباس : الوجه عبارة عنه .

فإن قيل كيف خاطب الاثنين بقوله : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } وخاطب هاهنا الواحد فقال : { ويبقى وجه ربك } ولم يقل وجه ربكما ؟ أجيب : بأنّ الإشارة هاهنا وقعت إلى كل أحد فقال : ويبقى وجه ربك أيها السامع ليعلم كل أحد أنّ غيره فان فلو قال : ويبقى وجه ربكما لكان كل أحد يخرج نفسه ورفيقه ؛ المخاطب عن الفناء ، فإن قيل : فلو قال : ويبقى وجه الرب من غير خطاب كان أدل على فناء الكل ؛ أجيب : بأن كاف الخطاب في الرب إشارة إلى اللطف ، والإبقاء إشارة إلى القهر والموضع موضع بيان اللطف وتعديد النعم ، فلهذا قال : بلفظ الرب وكاف الخطاب .

ولما ذكر تعالى مباينته للمخلوقات وصف نفسه بالإحاطة الكاملة فقال تعالى : { ذو الجلال } أي : العظمة التي لا ترام وهو صفة ذاته التي تقتضي إجلاله عن كل ما لا يليق به { والإكرام } أي : الإحسان العام وهو صفة فعله مع جلاله وعظمته .