في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ} (4)

ومن ثم قدم تعليم القرآن على خلق الإنسان . فبه يتحقق في هذا الكائن معنى الإنسان .

( خلق الإنسان علمه البيان ) . .

وندع - مؤقتا - خلق الإنسان ابتداء ، فسيأتي ذكره في مكانه من السورة بعد قليل . إذ المقصود من ذكره هنا هو ما تلاه من تعليمه البيان .

إننا نرى الإنسان ينطق ويعبر ويبين ، ويتفاهم ، ويتجاوب مع الآخرين . . فننسى بطول الألفة عظمة هذه الهبة ، وضخامة هذه الخارقة ، فيردنا القرآن إليها ، ويوقظنا لتدبرها ، في مواضع شتى .

فما الإنسان ? ما أصله ? كيف يبدأ ? وكيف يعلم البيان ?

إنه هذه الخلية الواحدة التي تبدأ حياتها في الرحم . خلية ساذجة صغيرة ، ضئيلة ، مهينة . ترى بالمجهر ، ولا تكاد تبين . وهي لا تبين ! ! !

ولكن هذه الخلية ما تلبث أن تكون الجنين . الجنين المكون من ملايين الخلايا المنوعة . . عظمية . وغضروفية . وعضلية . وعصبية . وجلدية . . ومنها كذلك تتكون الجوارح والحواس ووظائفها المدهشة : السمع . البصر . الذوق . الشم . اللمس . ثم . . ثم الخارقة الكبرى والسر الأعظم : الإدراك والبيان ، والشعور والإلهام . . كله من تلك الخلية الواحدة الساذجة الصغيرة الضئيلة المهينة ، التي لا تكاد تبين ، والتي لا تبين !

كيف ? ومن أين ? من الرحمن ، وبصنع الرحمن .

فلننظر كيف يكون البيان ? : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ) . .

إن تكوين جهاز النطق وحده عجيبة لا ينقضي منها العجب . . اللسان والشفتان والفك والأسنان . والحنجرة والقصبة الهوائية والشعب والرئتان . . إنها كلها تشترك في عملية التصويت الآلية وهي حلقة في سلسلة البيان . وهي على ضخامتها لا تمثل إلا الجانب الميكانيكي الآلي في هذه العملية المعقدة ، المتعلقة بعد ذلك بالسمع والمخ والأعصاب . ثم بالعقل الذي لا نعرف عنه إلا اسمه . ولا ندري شيئا عن ماهيته وحقيقته . بل لا نكاد ندري شيئا عن عمله وطريقته !

كيف ينطق الناطق باللفظ الواحد ?

إنها عملية معقدة كثيرة المراحل والخطوات والأجهزة . مجهولة في بعض المراحل خافية حتى الآن .

إنها تبدأ شعورا بالحاجة إلى النطق بهذا اللفظ لأداء غرض معين . هذا الشعور ينتقل - لا ندري كيف - من الإدراك أو العقل أو الروح إلى أداة العمل الحسية . . المخ . . ويقال : إن المخ يصدر أمره عن طريق الأعصاب بالنطق بهذا اللفظ المطلوب . واللفظ ذاته مما علمه الله للإنسان وعرفه معناه . وهنا تطرد الرئة قدرا من الهواء المختزن فيها ، ليمر من الشعب إلى القصبة الهوائية إلى الحنجرة وحبالها الصوتية العجيبة التي لا تقاس إليها أوتار أية آلة صوتية صنعها الإنسان ، ولا جميع الآلات الصوتية المختلفة الأنغام ! فيصوت الهواء في الحنجرة صوتا تشكله حسبما يريد العقل . . عاليا أو خافتا . سريعا أو بطيئا . خشنا أو ناعما . ضخما أو رفيعا . . إلى آخر أشكال الصوت وصفاته . ومع الحنجرة اللسان والشفتان والفك والأسنان ، يمر بها هذا الصوت فيتشكل بضغوط خاصة في مخارج الحروف المختلفة . وفي اللسان خاصة يمر كل حرف بمنطقة منه ذات إيقاع معين ، يتم فيه الضغط المعين ، ليصوت الحرف بجرس معين . .

وذلك كله لفظ واحد . . ووراءه العبارة . والموضوع . والفكرة . والمشاعر السابقة واللاحقة . وكل منها عالم عجيب غريب ، ينشأ في هذا الكيان الإنساني العجيب الغريب ، بصنعة الرحمن ، وفضل الرحمن .

   
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ} (4)

قوله جلّ ذكره : { خَلَقَ الإِنسَانَ عَلَّمَهُ البَيَانَ } .

{ الإِنْسَانَ } : ها هنا جنْسُ الناس ؛ عَلَّمَهم البيانَ حتى صاروا مُمَيزَّين - فانفصلوا بالبيان عن جميع الحيوان . وعَلَّمَ كُلَّ قومٍ لسانَهم الذي يتكلمون ويتخاطبون به .

والبيانُ ما به تبينُ المعاني - وشَرْحُه في مسائل الأصول .

ويقال : لمَّا قال أهلُ مكة إنما يُعلِّمه بَشَرٌ ردَّ الله - سبحانه- عليهم وقال : بل عَلَّمَه اللَّهُ ؛ فالإنسانُ على هذا القول هو محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل هو آدم عليه السلام .

ويقال : البيان الذي خُصَّ به الإنسان ( عموماً ) يعرِفُ به كيفيةَ مخاطبةِ الأغيار من الأمثال والأشكال . وأمَّا أهل الإيمان والمعرفة فبيانُهم هو عِلْمُهم كيفيةَ مخاطبةِ مولاهم - وبيانُ العبيدِ مع الحقِّ مختلفٌ : فقومٌ يخاطِبونه بلسانهم ، وقومٌ بأنفاسهم ، وقوم بدموعهم :

دموعُ الفتى عمَّا يحسُّ تترجمُ *** وأشواقه تبدين ما هو يكتم

وقومُ بأنينهم وحنينهم :

قُلْ لي بألسنة التنفُّس كيف أنت وكيف حالك ؟

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ} (4)

1

المفردات :

علمه البيان : علمه النطق المعرب عما في الضمير .

التفسير :

3 ، 4- { خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ } .

خلق الله آدم ، ومنحه القدرة على التعليم والتعلّم ، واستنباط المجهول من المعلوم ، وبهذه القوى الظاهرة والباطنة التي منحها الله للإنسان ، استطاع أن يبين عما في نفسه ، وأن يفهم كلام غيره ، و أن يستفيد من تجارب غيره ، وبذلك وصل الإنسان إلى القمر ، بينما لا تزال القرود على الشجر .

وقيل : المراد بتعليمه البيان تعليمه التكلم بلغات مختلفة .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ} (4)

{ خلق الإنسان علمه البيان } أي خلق النوع الإنساني على أبدع صورة ، ومكنه من بيان ما في نفسه بالمنطق الفصيح ، ومن فهم بيان غيره ؛ فتميز بذلك عن الحيوان ، واستعد لتلقي العلوم والخلافة في الأرض . وهذه نعم عظمى توجب الشكر والتعظيم لله تعالى .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ} (4)

البيان : تعبير الإنسان عما في نفسه .

كي يُبينَ عما في نفسه . وتلك ميزةٌ له عن سائر الحيوان .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ} (4)

ثم أتبع عز وجل ذلك بنعمة تعليم { البيان } فقال سبحانه : { عَلَّمَهُ البيان } لأن البيان هو الذي به يتمكن عادة من تعلم القرآن وتعليمه ، والمراد به المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير .

والمراد بتعليمه نحو ما مر ، وفي «الإرشاد » أن قوله تعالى : { خَلَقَ الإنسان } [ الرحمن : 3 ] تعيين للمتعلم ، وقوله سبحانه : { عَلَّمَهُ البيان } تبيين لكيفية التعليم ، والمراد بتعليم البيان تمكين الإنسان من بيان نفسه ، ومن فهم بيان غيره إذ هو الذي يدور عليه تعليم القرآن . وقيل : بناءاً على تقدير المفعول المحذوف الملائكة المقربين إن تقديم تعليم القرآن لتقدمه وقوعاً فهم قد علموه قبل خلق الإنسان وربما يرمز إليه قوله تعالى : { إِنَّهُ لَقُرْءانٌ كَرِيمٌ فِى كتاب مَّكْنُونٍ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون } [ الواقعة : 77 79 ] وفي «النظم الجليل » عليه حسن زائد حيث إنه تعالى ذكر أموراً علوية وأموراً سفلية وكل علوي قابله بسفلي ويأتي هذا على تقدير المفعول جبريل عليه السلام أيضاً ؛ وقال الضحاك : { البيان } الخير والشر ، وقال ابن جريج : سبيل الهدى وسبيل الضلالة ، وقال يمان : الكتابة والكل كما ترى ، وجوز أن يراد به القرآن وقد سماه الله تعالى بياناً في قوله سبحانه : { هذا بَيَانٌ } [ آل عمران : 138 ] وأعيد ليكون الكلام تفصيلاً لإجمال { علم القرآن } [ الرحمن : 2 ] وهذا في غاية البعد . وقال قتادة : { الإنسان } آدم . و { البيان } علم الدنيا والآخرة ، وقيل : { البيان } أسماء الأشياء كلها . وقيل : التكلم بلغات كثيرة ، وقيل : الاسم الأعظم الذي علم به كل شيء ، ونسب هذا إلى جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه .

وقال ابن كيسان : { الإنسان } محمد صلى الله عليه وسلم . وعليه قيل : المراد بالبيان بيان المنزل . والكشف عن المراد به كما قال تعالى : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذكر لِتُبَيّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ } [ النحل : 44 ] أو الكلام الذي يشرح به المجمل والمبهم في القرآن أو القرآن نفسه على ما سمعت آنفاً ، أو نحو ذلك مما يناسبه عليه الصلاة والسلام ويليق به من المعاني السابقة ، ولعل ابن كيسان يقدر مفعول علم الإنسان مراداً به النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً ، وهذه أقوال بين يديك ، والمتبادر من الآيات الكريمة لا يخفى عليك ولا أظنك في مرية من تبادر ما ذكرناه فيها أولاً . ثم إن كلاً من الجملتين الأخيرتين خبر عن المبتدأ كجملة { عَلَّمَ القرءان } [ الرحمن : 2 ] وكذا قوله تعالى :

هذا ومن باب الإشارة : { عَلَّمَهُ البيان } وهو تفصيل تلك العلوم الإجمالية { فَإِذَا قرأناه فاتبع قُرْءانَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } [ القيامة : 18 ، 19 ]

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ} (4)

شرح الكلمات :

{ علمه البيان } : أي علم آدم البيان الذي هو النطق والإِعراب عما في النفس بلغة من اللغات كل هذا تعليم الله عز وجل ولولا الله ما نطق إنسان .

/د1

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ} (4)

بأن { عَلَّمَهُ الْبَيَانَ } أي : التبيين عما في ضميره ، وهذا شامل للتعليم النطقي والتعليم الخطي ، فالبيان الذي ميز الله به الآدمي على غيره من أجل نعمه ، وأكبرها عليه .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ} (4)

علَّمه البيان عمَّا في نفسه تمييزًا له عن غيره .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ} (4)

{ علمه البيان }

{ علَّمه البيان } النطق .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ} (4)

قوله تعالى : { علمه البيان } النطق والكتابة والفهم والإفهام ، حتى عرف ما يقول وما يقال له . هذا قول أبي العالية وابن زيد والحسن . وقال السدي : علم كل قوم لسانهم الذي يتكلمون به . وقال ابن كيسان : خلق الإنسان يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم علمه البيان يعني : بيان ما كان وما يكون لأنه كان يبين عن الأولين والآخرين وعن يوم الدين .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ} (4)

قوله : { علمه البيان } والمراد به النطق والتعبير عما في النفس والذهن من مقاصد وأفكار ، وهذه سمة فضلى اختص الله بها الإنسان ، إذ جعله ناطقا متكلما ، وذلك بما أودعه من جهاز عضوي وعصبي وعقلي تتحقق به ظاهرة الكلام .