في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡ شَآءَ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَا عَبَدۡنَٰهُمۗ مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (20)

ثم يتابع الفرية وما يصوغونه حولها من جدل واعتذار :

( وقالوا : لو شاء الرحمن ما عبدناهم . ما لهم بذلك من علم . إن هم إلا يخرصون ) . .

إنهم يحاولون التهرب حين تحاصرهم الحجج ، وتتهافت بين أيديهم الأسطورة . فيحيلون على مشيئة الله ، يزعمون أن الله راض عن عبادتهم للملائكة ؛ ولو لم يكن راضيا ما مكنهم من عبادتهم ، ولمنعهم من ذلك منعاً !

وهذا القول احتيال على الحقيقة . فإن كل شيء يقع في هذا الوجود إنما يقع وفق مشيئة الله . هذا حق . ولكن من مشيئة الله أن جعل للإنسان قدرة على اختيار الهدى أو اختيار الضلال . وكلفه اختيار الهدى ورضيه له ، ولم يرض له الكفر والضلال . وإن كانت مشيئته أن يخلقه قابلاً للهدى أو الضلال .

وهم حين يحيلون على مشيئة الله إنما يخبطون خبطاً ؛ فهم لا يوقنون أن الله أراد لهم أن يعبدوا الملائكة - ومن أين يأتيهم اليقين ? - ( ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون ) . . ويتبعون الأوهام والظنون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡ شَآءَ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَا عَبَدۡنَٰهُمۗ مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (20)

{ وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم } أي لو شاء عدم عبادة الملائكة ما عبدناهم فاستدلوا بنفي مشيئته عدم العبادة على امتناع النهي عنها أو على حسنها ، وذلك باطل لأن المشيئة ترجح بعض الممكنات على بعض مأمورا كان أو منهيا حسنا كان أو غيره ، ولذلك جهلهم فقال : { وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون } يتمحلون تمحلا باطلا ، ويجوز أن تكون الإشارة إلى أصل الدعوى كأنه لما أبدى وجوه فسادها وحكى شبهتهم المزيفة نفى أن يكون لهم بها علم من طريق العقل .