في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞قَالَ قَرِينُهُۥ رَبَّنَا مَآ أَطۡغَيۡتُهُۥ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ} (27)

16

عندئذ يفزع قرينه ويرتجف ، ويبادر إلى إبعاد ظل التهمة عن نفسه ، بما أنه كان مصاحبا له وقرينا : ( قال قرينه : ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد ) . . وربما كان القرين هنا غير القرين الأول الذي قدم السجلات . ربما كان هو الشيطان الموكل به ليغويه . وهو يتبرأ من إطغائه ؛ ويقرر أنه وجده ضالا من عند نفسه ، فاستمع لغوايته ! وفي القرآن مشاهد مشابهة يتبرأ فيها القرين الشيطاني من القرين الإنساني على هذا النحو . على أن الفرض الأول غير مستبعد . فقد يكون القرين هو الملك صاحب السجل . ولكن هول الموقف يجعله يبادر إلى التبرؤ - وهو بريء - ليبين أنه مع صحبته لهذا الشقي - فإنه لم تكن له يد في أي مما كان منه . وتبرؤ البريء أدل على الهول المزلزل والكرب المخيف .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞قَالَ قَرِينُهُۥ رَبَّنَا مَآ أَطۡغَيۡتُهُۥ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ} (27)

{ قال قرينه } أي الشيطان المقيض له ، وإنما استؤنفت كما تستأنف الجمل الواقعة في حكاية التقاول فإنه جواب لمحذوف دل عليه . { ربنا ما أطغيته } كأن الكافر قال هو أطغاني ف { قال قرينه ربنا ما أطغيته } بخلاف الأولى فإنها واجبة العطف على ما قبلها للدلالة على الجمع بين مفهوميهما في الحصول ، أعني مجيء كل نفس مع الملكين وقول للدلالة على الجمع بين مفهوميهما في الحصول ، أعني مجيء كل نفس مع الملكين وقول قرينه : { ولكن كان في ضلال بعيد } فأعنته عليه فإن إغواء الشياطين إنما يؤثر فيمن كان مختل الرأي مائلا إلى الفجور كما قال الله تعالى : { وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي } .