البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{۞قَالَ قَرِينُهُۥ رَبَّنَا مَآ أَطۡغَيۡتُهُۥ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ} (27)

{ قال قرينه } : لم تأت هذه الجملة بالواو ، بخلاف { وقال قرينه } قبله ، لأن هذه استؤنفت كما استؤنفت الجمل في حكاية التقاول في مقاولة موسى وفرعون ، فجرت مقاولة بين الكافر وقرينه ، فكأن الكافر قال ربي هو أطغاني ، { قال قرينه ربنا ما أطغيته } .

وأما { وقال قرينه } فعطف لدلالة على الجمع بين معناها ومعنى ما قبلها في الحصول ، أعني مجيء كل نفس مع الملكين .

وقول قرينه : ما قال له ، ومعنى ما أطغيته : تنزيه لنفسه من أنه أثر فيه ، { ولكن كان في ضلال بعيد } : أي من نفسه لا مني ، فهو الذي استحب العمى على الهدى ، كقوله : { وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي } وكذب القرين ، قد أطغاه بوسوسته وتزيينه .