محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{۞قَالَ قَرِينُهُۥ رَبَّنَا مَآ أَطۡغَيۡتُهُۥ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ} (27)

{ *قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد 27 } .

{ قال قرينه } أي قرين هذا الإنسان الكفار المناع للخير ، وهو شيطانه الذي كان موكلا به في الدنيا ، متبرئا منه { ربنا ما أطغيته } أي بالإرابة ومنع الإسلام ، وجعل إله آخر معك { ولكن كان في ضلال بعيد } أي في طريق جائر عن سبيل الهدى ، جورا بعيدا بنفسه .

قال القاشانيّ : وقول الشيطان { ما أطغيته . . . } الخ كقوله :{[6768]} { إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم } لأنه لو لم يكن في ضلال عن طريق التوحيد ، بعيد عن الفطرة الأصلية بالتوجه إلى الجهة السفلية ، والتغشي بالغواشي المظلمة الطبيعية ، لم يقبل وسوسة الشيطان ، وقبل إلهام الملك . فالذنب إنما يكون عليه بالاحتجاب من نور الفطرة ، واكتساب الجنسية مع الشيطان في الظلمة . انتهى .

وقال ابن جرير :{[6769]} وإنما أخبر تعالى عن قول قرين الكافر له يوم القيامة ، إعلاما منه عباده ، تبرُّأ بعضهم من بعض يوم القيامة .


[6768]:[14/ إبراهيم/ 22].
[6769]:انظر الصفحة رقم 168 من الجزء السادس والعشرين(طبعة الحلبي الثانية(.