في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَدَعۡ أَذَىٰهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا} (48)

36

وينهي هذا الخطاب للنبي [ صلى الله عليه وسلم ] بألا يطيع الكافرين والمنافقين ، وألا يحفل أذاهم له وللمؤمنين ، وأن يتوكل على الله وحده وهو بنصره كفيل :

( ولا تطع الكافرين والمنافقين ، ودع أذاهم ، وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ) . .

وهو ذات الخطاب الوارد في أول السورة ، قبل ابتداء التشريع والتوجيه ، والتنظيم الاجتماعي الجديد . بزيادة توجيه النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ألا يحفل أذى الكافرين والمنافقين ؛ وألا يتقيه بطاعتهم في شيء أو الاعتماد عليهم في شيء . فالله وحده هو الوكيل ( وكفى بالله وكيلا ) . .

وهكذا يطول التقديم والتعقيب على حادث زينب وزيد ، وإحلال أزواج الأدعياء ، والمثل الواقعي الذي كلفه رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] مما يشي بصعوبة هذا الأمر ، وحاجة النفوس فيه إلى تثبيت الله وبيانه ، وإلى الصلة بالله والشعور بما في توجيهه من رحمة ورعاية . كي تتلقى ذلك الأمر بالرضى والقبول والتسليم . .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَدَعۡ أَذَىٰهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا} (48)

ولما أمره سبحانه بما يسر{[55779]} نهاه عما يضر ، فقال ذاكراً ثمرة النذارة : { ولا تطع الكافرين } أي المشاققين { والمنافقين } أي لا تترك إبلاغ شيء مما أنزلته إليك من الإنزال ، وغيره كراهة شيء{[55780]} من مقالهم أو فعالهم في أمر زينب أو غيرها ، فإنك نذير لهم ، وزاد على ما في أول السورة محط الفائدة في قوله مصرحاً بما اقتضاه ما قبله : { ودع } أي اترك على حالة حسنة بك{[55781]} وأمر جميل لك { أذاهم } فلا تراقبه في شيء ، ولا تحسب له حساباً أصلاً ، واصبر عليه فإنه غير ضائرك{[55782]} لأن الله دافع عنك لأنك داع بإذنه .

ولما كان ترك المؤذي ، والإعراض عنه استسلاماً في غاية المشقة ، ذكره بالدواء فقال : { وتوكل على الله } أي الملك الأعلى في الانتصار لك منهم و{[55783]} إبلاغ جميع ما يأمرك به وفي جميع أمرك لأن{[55784]} الله متم نورك ومظهر دينك والاكتفاء به من ثمرات إنارته لك بجعلك سراجاً ، ولما كان الوكيل قد لا ينهض بجميع الأمور ، قال معلماً بأن كفايته محيطه : { وكفى } وأكد أمر الكفاية بإيجاد الباء في الفاعل تحقيقاً لكونه فاعلاً كما مضى في آخر سورة الرعد فقال : { بالله } أي الذي له الإحاطة الكاملة ، وميز النسبة بالفاعل في الأصل لزيادة التأكيد في تحقيق معنى الفاعل فقال : { وكيلاً } فمن اكتفى به أنار له جميع أمره .


[55779]:من ظ ومد، وفي الأصل: ليس.
[55780]:زيد من ظ ومد.
[55781]:في ظ: لك.
[55782]:من ظ ومد، وفي الأصل: ضايل بك.
[55783]:زيد من ظ ومد.
[55784]:في ظ ومد: فإن.