فإذا هم عطلوها حقت عليهم سنته التي لا تتخلف ولا تحابي ، ولقوا جزاءهم عدلاً ، ولم يظلمهم الله شيئاً :
( إن الله لا يظلم الناس شيئاً ، ولكن الناس أنفسهم يظلمون ) . .
وفي هذه الآيات الأخيرة تسرية عن رسول الله [ ص ] مما يجده في نفسه من ضيق بهذا التكذيب لما معه من الحق ، وبهذا العناد الصفيق بعد تكرار البيان والإعلام . وذلك بما يقرره له ربه من أن إباءهم الهدى لم يكن عن تقصير منه في الجهد . ولا قصور فيما معه من الحق . ولكن هؤلاء كالصم العمي . وما يفتح الآذان والعيون إلا الله . فهو شأن خارج عن طبيعة الدعوة والداعية داخل في اختصاص الله .
وفيها كذلك تحديد حاسم لطبيعة العبودية ومجالها - حتى ولو تمثلت في شخص رسول الله . فهو عبد من عباد الله لا قدرة له خارج مجال العبودية . والأمر كله لله .
ثم أخبر تعالى أنه لا يظلم أحدا شيئًا ، وإن كان قد هدى به من هدى [ من الغي ]{[14247]} ، فهو الحاكم المتصرف في ملكه بما يشاء ، الذي لا يُسْأل عما يفعل وهم يسألون ، لعلمه وحكمته وعدله ؛ ولهذا قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } وفي الحديث عن أبي ذر{[14248]} عن النبي{[14249]} صلى الله عليه وسلم ، فيما يرويه عنه ربه عز وجل : " يا عبادي ، إني حرّمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا - إلى أن قال في آخره : يا عبادي ، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نفسه " . رواه مسلم بطوله . {[14250]}
قرأت فرقة : «ولكنْ الناس » بتخفيف «لكِن » ورفع «الناسُ » ، وقرأت فرقة «ولكنّ » بتشديد «لكنّ » ونصب «الناسَ » ، وظلم الناس لأنفسهم إنما هو بالتكسب منهم الذي يقارن اختراع الله تعالى لأفعالهم ، وعرف «لكن » إذا كان قبلها واو أن تثقل وإذا عريت من الواو أن تخفف ، وقد ينخرم هذا ، وقال الكوفيون : قد يدخل اللام في خبر «لكن » المشددة على حد دخولها في «أن » ومنع ذلك البصريون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.