في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥۚ قُلِ ٱللَّهُ يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ} (34)

26

ثم عودة إلى مظاهر قدرة الله ، وهل للشركاء فيها من نصيب .

( قل : هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده ? قل : الله يبدأ الخلق ثم يعيده . فأنى تؤفكون ? قل : هل من شركائكم من يهدي إلى الحق ? قل : الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى ? فما لكم ? كيف تحكمون ? ) . .

وهذه الأمور المسؤول عنها - من إعادة الخلق وهدايتهم إلى الحق - ليست من بدائه مشاهداتهم ولا من مسلمات اعتقاداتهم كالأولى . ولكنه يوجه إليهم فيها السؤال ارتكانا على مسلماتهم الأولى ، فهي من مقتضياتها بشيء من التفكر والتدبر . ثم لا يطلب إليهم الجواب ، إنما يقرره لهم اعتمادا على وضوح النتائج بعد تسليمهم بالمقدمات .

( قل : هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده ? ) . .

وهم مسلمون بأن الله هو الذي يبدأ الخلق غير مسلمين بإعادته ، ولا بالبعث والنشور والحساب والجزاء . . ولكن حكمة الخالق المدبر لا تكمل بمجرد بدء الخلق ؛ ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض ، ولم يبلغوا الكمال المقدر لهم ، ولم يلقوا جزاء إحسانهم وإساءتهم ، وسيرهم على النهج أو انحرافهم عنه . إنها رحلة ناقصة لا تليق بخالق مدبر حكيم . وإن الحياة الآخرة لضرورة من ضرورات الاعتقاد في حكمة الخالق وتدبيره وعدله ورحمته . ولا بد من تقرير هذه الحقيقة لهم وهم الذين يعتقدون بأن الله هو الخالق ، وهم الذين يسلمون كذلك بأنه يخرج الحي من الميت . والحياة الأخرى قريبة الشبه بإخراج الحي من الميت الذي يسلمون به :

( قل : الله يبدأ الخلق ثم يعيده ) . .

وإنه لعجيب أن يصرفوا عن إدراك هذه الحقيقة ولديهم مقدماتها :

( فأنى تؤفكون ) . .

فتوجهون بعيدا عن الحق إلى الإفك وتضلون ?

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥۚ قُلِ ٱللَّهُ يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ} (34)

وهذا إبطال لدعواهم فيما أشركوا بالله غيره ، وعبدوا من الأصنام والأنداد ، { قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } أي : من بدأ خلق هذه السموات والأرض ثم ينشئ{[14222]} ما فيهما من الخلائق ، ويفرق أجرام السموات والأرض ويبدلهما بفناء ما فيهما ، ثم يعيد الخلق{[14223]} خلقًا جديدًا ؟ { قُلِ اللَّهُ } هو الذي يفعل هذا ويستقل به ، وحده لا شريك له ، { فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } أي : فكيف تصرفون عن طريق الرشد إلى الباطل ؟ !


[14222]:- في ت ، أ : "يفنى".
[14223]:- في ت : "الخلائق".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥۚ قُلِ ٱللَّهُ يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ} (34)

هذا توقيف أيضاً على قصور الأصنام وعجزها ، وتنبيه على قدرة الله عز وجل ، و «بدء الخلق » يريد به إنشاء الإنسان في أول أمره ، و «إعادته » هي البعث من القبور ، و { تؤفكون } معناه : تصرفون وتحرمون ، تقول العرب : أرض مأفوكة إذا لم يصبها مطر فهي بمعنى الخيبة والتلف ، كما قال { والمؤتفكة أهوى }{[6105]} .


[6105]:- الآية (53) من سورة (النجم).