في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (73)

44

( ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ) . .

فالليل سكينة وقرار ، والنهار نشاط وعمل ، والمتجه فيه إلى فضل الله . فما يعطي الناس شيئا إلا من فضله ( ولعلكم تشكرون )ما يسره الله لكم من نعمة ومن رحمة ، وما دبره لكم واختاره من توالي الليل والنهار ، ومن كل سنن الحياة التي لم تختاروها ، ولكن اختارها الله عن رحمة وعن علم وعن حكمة تغفلون عنها لطول الإلف والتكرار .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (73)

وَمِنْ رَحْمَتِهِ } أي : بكم { جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } أي : خلق هذا وهذا { لِتَسْكُنُوا فِيهِ } أي : في الليل ، { وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ } أي : في النهار بالأسفار والترحال ، والحركات والأشغال ، وهذا من باب اللف والنشر .

وقوله : { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي : تشكرون الله بأنواع العبادات في الليل والنهار ، ومن فاته شيء بالليل استدركه بالنهار ، أو بالنهار استدركه بالليل ، كما قال تعالى : { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } [ الفرقان : 62 ] . والآيات في هذا كثيرة{[22399]} .


[22399]:- بعدها في ت ، ف : "فصل : فانظر إلى هذه الآيات وما تضمنته من العبرة والدلالة على ربوبية الله وحكمته ، كيف جعل الليل سكنا ولباسا ؟ يغشى العالم ، فتسكن فيه الحركات ، وتأوي الحيوانات إلى بيوتها ، والطير إلى أوكارها ، وتستجم فيه النفوس ، وتستريح من كد السعي والتعب ، حتى إذا أخذت منه النفوس راحتها وثباتها ، وتطلعت إلى معايشها وتصرفها. جاء فالق الإصباح سبحانه بالنهار، فقدم حيثه بشير الصباح ، فهزم تلك الظلمة ومزقها كل ممزق ، وأزالها وكشفها عن العالم ، فإذا هم مبصرون ، فانتشر الحيوان ، وتصرف في معايشه ومصالحه ، وخرجت الطيور من أوكارها ، فيا له من ميعاد! ونشأة دال على قدرة الله سبحانه على المعاد الأكبر ، وتكرره ومشاهدة النفوس له بحيث صار عادة ومألفا ، منعها من الاعتبار والاستدلال به على النشأة الثانية ، وإحياء الخلق بعد موتهم ، كما وردت السنة بذلك ، أنه يستجاب للعبد إذا قام من نومه يقول : الحمد لله الذي أحيانا بعد موتنا وإليه النشور".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (73)

ثم ذكر عز وجل انقسام الليل والنهار على السكون وابتغاء الفضل بالمشي والتصرف وهذا هو الغالب في أمر الليل والنهار ، فعدد النعمة بالأغلب وإن وجد من يسكن بالنهار ويبتغي فضل الله بالليل فالشاذ النادر لا يعتد به ، وقال بعض الناس : قوله تعالى { جعل لكم الليل والنهار } . إنما عبر به عن الزمان لم يقصد لتقسيم ، أي في هذا الوقت الذي هو ليل ونهار يقع السكون وابتغاء الفضل ، وقوله { ولعلكم } أي على نظر البشر من يرى هذا التلطف والرفق يرى أن ذلك يستدعي الشكر ولا بد .