قال ابن مسعود وابن عباس ، ومسروق ، وسعيد بن جبير ، وأبو صالح ، وأبو الضحى ، والسُّدي : { وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا } الملائكة ، يعنون حين تنزع أرواح بني آدم ، فمنهم من تأخذ روحه بعُنف فَتُغرق في نزعها ، و[ منهم ]{[29680]} من تأخذ روحه بسهولة وكأنما حَلَّته من نشاط ، وهو قوله : { وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا } قاله ابن عباس .
وعن ابن عباس : { والنازعات } هي أنفس الكفار ، تُنزع ثم تُنشَط ، ثم تغرق في النار . رواه ابن أبي حاتم .
وقال مجاهد : { وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا } الموت . وقال الحسن ، وقتادة : { وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا } هي النجوم .
وقال عَطَاءُ بنُ أبي رَباح في قوله : { والنازعات } و { الناشطات } هي القسيّ في القتال . والصحيح الأول ، وعليه الأكثرون .
و { الناشطات } : يجوز أن تكون الموصوفات بالنشاط ، وهو قوة الانطلاق للعمل كالسير السريع ، وينطلق النشاط على سير الثور الوحشي وسير البعير لقوة ذلك ، فيكون الموصوف إما الكواكب السيارة على وجه التشبيه لدوام تنقلها في دوائرها وإما إبل الغزو ، وإما الملائكة التي تسرع إلى تنفيذ ما أمر الله به من أمر التكوين وكلاهما على وجه الحقيقة ، وأيَّاً مَا كان فعطفها على { النازعات } عطف نوع على نوع أو عطَف صنف على صنف .
و { نشطاً } مصدر جاء على مصدر فَعَلَ المتعدي من باب نَصَر فتعين أن { الناشطات } فاعلات النشط فهو متعد .
وقد يكون مفضياً لإرادة النشاط الحقيقي لا المجازي . ويجوز أن يكون التأكيد لتحقيق الوصف لا لرفع احتمال المجاز .
وعن ابن عباس : { الناشطات } الملائكة تَنشِيط نفوسَ المؤمنين ، وعنه هي نفوس المؤمنين تنشط للخروج .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
اختلف أهل التأويل أيضا فيهنّ، وما هنّ، وما الذي يَنْشِط؛
فقال بعضهم: هم الملائكة، تَنْشِط نفس المؤمن فتقبضها، كما يُنْشَط العِقال من البعير إذا حُلّ عنه... وكان الفرّاء يقول: الذي سمعت من العرب أن يقولوا: أنْشَطْت، وكأنما أُنْشط من عِقال، ورَبْطُها: نشطها، والرابط: الناشِط، قال: وإذا ربطت الحبل في يد البعير فقد نَشَطته تَنْشِطهُ، وأنت ناشِط، وإذا حللته فقد أنشطته.
وقال آخرون: النّاشِطاتِ نَشْطا هو الموت يَنْشِط نفسَ الإنسان...
وقال آخرون: هي النجوم تَنْشِط من أفق إلى أفق...
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالناشطات نَشْطا، وهي التي تَنْشُط من موضع إلى موضع، فتذهب إليه، ولم يخصص الله بذلك شيئا دون شيء، بل عَمّ القَسَم بجميع الناشطات، والملائكة تَنْشُط من موضع إلى موضع، وكذلك الموت، وكذلك النجوم والأوهاق وبقر الوحش أيضا تَنْشُط...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
قيل: أي تنشط أرواح الكفرة نشطا عنيفا، أي تنزع ملائكة العذاب أرواح الكفرة من أجوافهم نزعا شديدا. وقيل: هذا في حق المؤمنين: إن الملائكة تنشط أرواح المؤمنين؛ تحلها حلا رفيقا كما تنشط العقدة من العقال، فيخبر بهذا عن خفة ذلك على المؤمنين، ويخبر بالأول عن شدته على الكافرين...
النشط هو الجذب...والمراد هي الملائكة التي تنشط روح المؤمن فتقبضها، وإنما خصصنا هذا بالمؤمن والأول بالكافر لما بين النزع والنشط من الفرق فالنزاع جذب بشدة، والنشط جذب برفق ولين فالملائكة، تنشط أرواح المؤمنين كما تنشط الدلو من البئر فالحاصل أن قوله: {والنازعات غرقا والناشطات نشطا} قسم بملك الموت وأعوانه إلا أن الأول إشارة إلى كيفية قبض أرواح الكفار، والثاني إشارة إلى كيفية قبض أرواح المؤمنين...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
يجوز أن تكون الموصوفات بالنشاط، وهو قوة الانطلاق للعمل كالسير السريع، وينطلق النشاط على سير الثور الوحشي وسير البعير لقوة ذلك، فيكون الموصوف إما الكواكب السيارة على وجه التشبيه لدوام تنقلها في دوائرها وإما إبل الغزو، وإما الملائكة التي تسرع إلى تنفيذ ما أمر الله به من أمر التكوين وكلاهما على وجه الحقيقة، وأيَّاً مَا كان فعطفها على {النازعات} عطف نوع على نوع أو عطَف صنف على صنف. و {نشطاً} مصدر جاء على مصدر فَعَلَ المتعدي من باب نَصَر فتعين أن {الناشطات} فاعلات النشط فهو متعد. وقد يكون مفضياً لإرادة النشاط الحقيقي لا المجازي. ويجوز أن يكون التأكيد لتحقيق الوصف لا لرفع احتمال المجاز...
أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :
والنَّاشطات: قيل أصل الكلمة: النَّشاط والخفَّة، والأنشوطة: العقدة سهلة الحل،... وقد ذكر في الجلالين المعنى الأول منها فقط، والذي يشهد له السياق والنصوص الأخرى: أن كلاً من النازعات والناشطات: هم الملائكة، وهو ما روي عن ابن عباس ومجاهد، وهي صفات لها في قبض الأرواح. ودلالة السياق على هذا المعنى: هو أنهما وصفان متقابلان: الأول نزع بشدَّة، والآخر نشاط بخفة، فيكون النزع غرقاً لأرواح الكفار، والنشط بخفة لأرواح المؤمنين...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.