في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ يَبۡكُونَ وَيَزِيدُهُمۡ خُشُوعٗا۩} (109)

73

ويغلبهم التأثر فلا تكفي الألفاظ في تصوير ما يجيش في صدورهم منه ، فإذا الدموع تنطلق معبرة عن ذلك التأثر الغامر الذي لا تصوره الألفاظ : ( ويخرون للأذقان يبكون ) . . ( ويزيدهم خشوعا ) فوق ما استقبلوه به من خشوع .

إنه مشهد مصور لحالة شعورية غامرة ، يرسم تأثير هذا القرآن في القلوب المتفتحة لاستقبال فيضه ؛ العارفة بطبيعته وقيمته بسبب ما أوتيت من العلم قبله . والعلم المقصود هو ما أنزله الله من الكتاب قبل القرآن ، فالعلم الحق هو ما جاء من عند الله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ يَبۡكُونَ وَيَزِيدُهُمۡ خُشُوعٗا۩} (109)

وقوله : { وَيَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ يَبْكُونَ } أي : خضوعًا لله عز وجل وإيمانًا وتصديقًا بكتابه ورسوله ، ويزيدهم الله خشوعًا ، أي : إيمانًا وتسليمًا كما قال : { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } [ محمد : 17 ] .

وقوله : { وَيَخِرُّونَ } عطف صفة على صفة لا عطف سجود على سجود ، كما قال الشاعر :

إلَى المَلك القَرْم وابن الهُمام *** وَلَيْث الكَتِيبَة في المُزْدَحَمْ

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ يَبۡكُونَ وَيَزِيدُهُمۡ خُشُوعٗا۩} (109)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَخِرّونَ لِلأذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } .

يقول تعالى ذكره : ويخرّ هؤلاء الذين أوتوا العلم من مؤمني أهل الكتابين من قبل نزول الفرقان ، إذا يُتْلَى عليهم القرآن لأذقانهم يبكون ، ويزيدهم ما في القرآن من المواعظ والعبر خشوعا ، يعني خضوعا لأمر الله وطاعته ، واستكانة له . حدثنا أحمد بن منيع ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، قال : أخبرنا مِسْعر ، عن عبد الأعلى التيميّ ، أن من أوتي من العلم ما لم يبكه لخليق أن لا يكون أوتي علما ينفعه ، لأن الله نعت العلماء فقال إنّ الّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرّونَ للأَذْقانِ . . . الاَيتين .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن مسعر بن كدام ، عن عبد الأعلى التيمي بنحوه ، إلاّ أنه قال : إذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرّونَ للأَذْقانِ ثم قال : ويَخِرّونَ للأَذْقانِ يَبْكُونَ . . . الاَية .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ويَخُرّونَ للأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعا . قال : هذا جواب وتفسير للاَية التي في كهيعص إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آياتُ الرّحْمَنَ خَرّوا سُجّدا وَبُكِيّا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ يَبۡكُونَ وَيَزِيدُهُمۡ خُشُوعٗا۩} (109)

وقوله : { ويخرون للأذقان يبكون } تكرير للجملة باختلاف الحال المقترنة بها ، أعيدت الجملة تمهيداً لذكر الحال . وقد يقع التكرير مع العطف لأجل اختلاف القيود ، فتكون تلك المغايرة مصححة العطف ، كقول مُرة بن عَداء الفقعسي :

فَهَلاّ أعدُّوني لِمثلي تفاقدوا *** إذا الخصم أبْزى مائلُ الرأس أنكبُ

وهلا أعدوني لِمثلي تفاقدوا *** وفي الأرض مبثوث شُجاع وعقربُ

فالخرور المحكي بالجملة الثانية هو الخرور الأول ، وإنما خروا خروراً واحداً ساجدين باكين ، فذكر مرتين اهتماماً بما صحبه من علامات الخشوع .

وذكر { يبكون } بصيغة المضارع لاستحضار الحالة .

والبكاء بكاء فرح وبهجة . والبكاء : يحصل من انفعال باطني ناشىء عن حزن أو عن خوف أو عن شوق .

ويزيدهم القرآن خشوعاً على خشوعهم الذي كان لهم من سماع كتابهم .

ومن السنة سجود القارىء والمستمع له بقصد هذه الآية اقتداء بأولئك الساجدين بحيث لا يذكر المسلم سجود أهل الكتاب عند سماع القرآن إلا وهو يرى نفسه أجدر بالسجود عند تلاوة القرآن .